المصلحة في إفساد ذلك الاستقرار، لأن الكافر أو المرتد إذا استقر واستتب له حكم بلد ما سيبدأ في العمل على إخراج الناس من دينها، والتحجج لترك قتاله بأن الدار أصبحت دار كفر بحكم الكافر فيها لا يسقط الجهاد الواجب لاستردادها من الكافر المغتصب، فإنها باقية في ملك المسلمين واغتصاب الكافر لها لا يخرجها من ملكهم، وواجب عليهم أن يستردوها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
-جهاد الدفع يكون عن دار الإسلام، ويكون أيضا عن المسلمين ولو لم يكونوا في دار تحويهم، فالعدو الصائل على دار الإسلام كالعدو الصائل على أهل الإسلام، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الدار بل أعظم من حرمة الكعبة، وفي هذا رد على من أسقط جهاد الدفع بزعمه أن البلاد التي يقطنها المسلمين هي دور كفر لا يجب الدفاع عنها.
-يجب نصرة المسلمين عامة والمستضعفين المظلومين خاصة، كما قال تعالى"وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر"وقال تعالى"وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعلنا من لدنك وليا واجعلنا من لدنك نصيرا"وقال صلى الله عليه وسلم"المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه"متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم"انصر أخاك ظالما أو مظلوما ..."متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم"ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"رواه أبو داود، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، وتكون النصرة بحسب الاستطاعة والإمكان، بالنفس، وبالمال، وباللسان، وبالدعاء وبغير ذلك.
-جهاد الدفع واجب على الفور وتجب المبادرة إليه وعدم تأخيره والتراخي فيه بحجج أوهى من بيت العنكبوت، لأنه يترتب على تأخيره مفاسد عظيمة، من تسلط الكفار على المسلمين وإنفاذ كفرهم فيهم وغير ذلك، فلا تترك المبادرة بحجة الإعداد للجهاد أو الدراسة أو الزواج أو غيره، وقد جاء في الحديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال"فلا تعطه مالك"قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال"قاتله"قال: أرأيت إن قتلني؟ قال"فأنت شهيد"قال: أرأيت إن قتلته؟ قال"هو في النار"رواه مسلم، فأمره بدفع الصائل مباشرة ولم يأمره بأي شيء آخر من الإعداد وغيره، فالإعداد محله الحرب الهجومية لا الدفاعية ومحله قبل بداية المعركة لا قبل اشتعالها، وعندما يهجم العدو أرض المسلمين فلا يجوز الإمهال ولا الانتظار ولا التربّص، ويسقط في هذه الحال وجوب الإعداد ليحل محله وجوب المبادرة، فإن لم يقدر على الجهاد في تلك الحال، لكن قدر على الإعداد وجب الإعداد حتى يتسنى له الجهاد.
-الإعداد والتدريب العسكري ليس شرط لوجوب الجهاد بحيث يسقط الوجوب عن الشخص إذا لم يكن متدربا أو معدا خاصة عند نزول العدو بلد المسلمين وتعين قتاله، فإن شروط وجوب الجهاد معروفة وليس منها التدريب أو الإعداد.