بهجرهم حتى نزلت توبته في القرآن، فعندما يتعين الجهاد لا مجال للطاعات الأخرى أن تذكر، إنما يذكر في مقابل الجهاد القعود والعتاب والتوبيخ.
-القعود عن الجهاد عند تعينه ووجوبه له آثار وخيمة على الشخص القاعد منها:
وقوعه في كبيرة من كبائر الذنوب لأن فيها تعريضا للنفس لسخط الله وعقابه كما سيأتي، وقد قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الزواجر"الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة"ترك الجهاد عند تعينه بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلما وأمكن تخليصه منهم وترك الناس الجهاد من أصله وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين"انتهى."
وبناء على ذلك وصفه بالفسق كما قال تعالى"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين"وقال تعالى عن قوم موسى لما تخلفوا عن دخول الأرض المقدسة وقتال من فيها"قال ربي إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين"بل قال تعالى عن الذين تخلفوا يوم أحد"وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان".
التعرض لتوبيخ الله تعالى كما قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثقالتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة".
الاتصاف بخصال المنافقين كما قال تعالى"فرح المخلفون بقعدهم خلاف رسول الله"وقال كعب يوم تخلف عن غزوة تبوك"فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه بالنفاق أو رجلا من عذر الله من الضعفاء"متفق عليه.
وقوع عذاب الله عليه كما قال تعالى"إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما"وقال تعالى"فتربصوا حتى يأتي الله بأمره"وقال تعالى في بني إسرائيل الذين نكلوا عن دخول الأرض المقدسة وقتال من فيها"قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض".
الطبع على قلبه كما قال تعالى"رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون".
الوقوع في التهلكة كما قال تعالى"وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"وقد فسرها أبو أيوب الصحابي رضي الله عنه بالإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الجهاد وهو سبب نزولها.
وللقعود أيضا آثار وخيمة على الأمة جمعاء زيادة على ما سبق ذكره منها:
فشو الشرك والظلم وعلو الكفر واستعباد الناس بعضهم بعضا كما قال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"وقال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ..".
وقوع الذل والهوان على الأمة الإسلامية كما في حديث"إذا تبايعتم بالعينة ...".