بحلوله بالعُقر، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالا، شبابا وشيوخا، كل على قدر طاقته، ومن كان له أب بغير إذنه، ومن لا أب له، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة، حتى يعلموا أن فيها طاقة على القيام بهم ومدافعتهم، وكذلك بكل من علم بضعفهم على عدوهم، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزم أيضا الخروج إليهم، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم"انتهى من التفسير."
-أنه لا شيء أوجب بعد الإيمان بالله من دفع الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، ولا يشترط لهذا الأمر شرط كما ذكر شيخ الإسلام بل يدفع بحسب الإمكان، فيكون الجهاد في هذه الحال فرض عين بالإجماع، ولا يشترط له إذن ولي الأمر والسلطان خصوصا إن كافرا ومعطلا للجهاد، ولا وجود الراية، ولا اتحاد الراية عند تعددها، ولم يقل بذلك أحد، بل لو لم يكن إلا أن يُقاتل كل رجل وحده، لكان واجبا عليه القتال وحده، لكن إن أمكن تكوين جماعة وإعلاء راية صحيحة المقصد لإعلاء كلمة الله والدفع عن المسلمين وتوحيد الراية في ذلك فبها ونعمت، وإن لم يمكن لا يُعطل الجهاد بسبب ذلك، قال شيخ الإسلام"أما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء من أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده"انتهى من الاختيارات.
-دفع الصائل لا يكون إلا بالسيف والقوة، ولا يكون بالعمل السلمي أو الدخول في البرلمانات أو الحوار والتعايش، وهذه الوسيلة هي التي نص عليها الشارع ولم يذكر غيرها وهي الموافقة للعقل والواقع كما قال تعالى"فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا"وقال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"وقال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا".
-لا يجوز القعود عن الجهاد عن تعينه بحجة الانشغال بطاعات أخرى مهما بلغت هذه الطاعة في المرتبة والفضيلة بل والفرضية، فإن الجهاد المتعين يسقط حتى الصلاة في وقتها عند عدم القدرة على الجمع بينهما عند كثير من العلماء، فكيف بما دون الصلاة من الفرائض، بل كيف بالانشغال بالنوافل والمستحبات، وقد سبق ذكر كلام شيخ الإسلام أنه لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفع العدو الصائل، فالذين ينشغلون أو يأمرون بالاشتغال بالنوافل والطاعات وطلب العلم عند تعين الجهاد ليسوا على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفقهوا الأولويات، فإن كعب بن مالك رضي الله عنه لما قعد عن غزوة تبوك كان في المدينة التي هي من أفضل أرض الله وعند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي الصلاة فيه مضاعفة وهو من أصحاب بيعة العقبة، وكان يقوم بالطاعات في المدينة، ومع ذلك هجره رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين تخلفوا معه، وأمر الناس