الصفحة 61 من 108

جهاد الطلب لا يأثم بتركه إن حصلت الكفاية بغيره من المسلمين، جهاد الدفع يأثم بتركه أشد الإثم لكونه ترك بلاد ونساء وذراري المسلمين غنيمة للكفار.

جهاد الطلب يجب أن يكون العدو بلغته الدعوة قبل قتاله، جهاد الدفع لا يشترط له ذلك بل يقاتل العدو ولو لم تبلغه الدعوة.

جهاد الطلب يكون القصد منه الربح، وجهاد الدفع يكون القصد منه حفظ رأس المال وحفظ رأس المال أولى من الحصول على الربح، وبهذا فضل من فضل من الصحابة وغيرهم الرباط على الجهاد لكون الرباط المقصود به حفظ المسلمين والمقصود من الجهاد زيادة التمكين الإسلامي ونشر الدعوة الإسلامية.

وهذا كله يبين أهمية وضرورة دفع العدو الذي ينزل بلد الإسلام، وخطر تركه يحتل بلاد المسلمين، لما ينبني على ذلك من الأمور العظيمة من تسلط الكفار على المسلمين ومن استحلالهم لدمائهم وأموالهم وأعراضهم، ومن فتنة المسلمين عن دينهم وإخراجهم إلى الكفر ونشر الكفر في أهل الإسلام، ومن نهب خيرات المسلمين واحتلال أراضيهم إلى غير ذلك من الأضرار العظيمة.

وحال كثير من حملة العلم اليوم نقيض ذلك ونقيض ما جاء في الشرع، فإنهم قد وضعوا لجهاد الدفع من القيود والشروط التي لم يضعها الشارع ولا حتى على جهاد الطلب، ولا أقول إنه يصعب مع هذه القيود والشروط التي وضعوها الجهاد، بل إنه يستحيل معها الجهاد ولا يمكن وقوعه، والله المستعان.

-عندما يكون بالمسلمين قوة على الكفار وكانوا أعلى من عدوهم فلا مسالمة معهم ولا مهادنة ولا صلح بلا حاجة تدعو إلى ذلك أو ضرورة كما قال تعالى"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم"بل القتال حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن آخر ما نزل في الجهاد قوله تعالى"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"وقال تعالى"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"فهذه الآيات من آخر ما نزل وفيها الأمر بالقتال العام ولا ناسخ لها، فإذا كان بالمسلمين حاجة وضرورة إلى الصلح والمهادنة جاز ذلك كما قال تعالى"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله"فهذه الآية هي عند الحاجة إلى الصلح وليست على الإطلاق بدليل الآية السابقة في النهي عن الدعوة إلى الصلح والمسالمة وبدليل الآيات التي فيها الأمر العام بالقتال، وعلى هذا سارت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده.

-الكفار لا يلزمون على الدخول في الإسلام، ولكن يلزمون على الدخول في أحكامه، فيؤدوا الجزية وإلا فالسيف وهذا بالإجماع، وهذا هو الإكراه العقدي المنفي في قوله تعالى"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".

-إذا دهم العدو أرض المسلمين وجب على أهل تلك الأرض الدفع عن أنفسهم وجوبا عينيا، فإن لم يقدروا توسع الوجوب العيني على ما جاورها من بلاد الإٍسلام وهكذا حتى يدفعوا العدو وهذا بإجماع العلماء، قال القرطبي"وقد تكون حالة يجب فيها نفير الكل، وهي الرابعة، وذلك إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام