فقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم مسلمة الفتح معه الذين أسلموا قريبا وليس بين إسلامهم وبين غزوة حنين شهر تقريبا، وهم حديثوا عهد بشرك وكفر، ولم يشغلهم بالتربية ولا بطلب العلم ولا باستكمال الإيمان ولا بغيره، وليس الانشغال بالتربية وطلب العلم واستكمال الإيمان بناسخ لفريضة الجهاد مع أنه بالجهاد ينال جميع ذلك بل وأعلاه، بل إن الإجماع على وجوب الجهاد على العالم والجاهل والتقي والفاسق يبطل هذا الأمر، وليس من شروط الجهاد العدالة أو تحصيل العلم.
-جهاد النفس والعدو الداخلي لا يمنع من جهاد العدو الخارجي والكافر، فإن العبد مأمور بالجهادين، ويمكنه الجمع بينهما، ولا منتهى لجهاد النفس حتى يعلق جهاد العدو الخارجي بانتهائه بل هو لازم للعبد إلى موته.
-حكم الجهاد أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، ويتعين في مواضع:
الأول: من استنفره الإمام وجب عليه النفير.
الثاني: عند التقاء الصفين.
الثالث: إذا دهم العدو بلد المسلمين تعين الجهاد لصدهم.
-أن الجهاد المشروع ينقسم إلى قسمين:
جهاد طلب: وهو غزو الكفار في ديارهم ولدعوتهم وإدخالهم في حكم الإسلام، كما قال تعالى"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"وهذا النوع من الجهاد هو مصادم للقوانين الدولية العالمية التي تحرم اعتداء الدول بعضها على بعض، وتمنع امتلاك أراضي الغير بالقوة، ومصادم أيضا للقوانين الطاغوتية المحلية على مستوى الدولة الواحدة، فالقتال عندهم قتال دفاعي فقط ويحرمون القتال الهجومي مطلقا ولذا يسمون الوزارة المختصة بذلك بوزارة الدفاع وهذا موجود في قوانينهم.
جهاد دفع: وهو الجهاد من أجل دفع الكفار الذين يريدون احتلال ديار المسلمين أو المحتلين لها وإخراجهم منها.
-هناك فرق في الأحكام بين نوعي الجهاد الطلب والدفع:
جهاد الطلب فرض كفاية على المسلمين إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وأما جهاد الدفع فهو فرض عين على المقيمين في البلد المراد دفع العدو عنه فإن قام به من يكفي وإلا توسعت دائرة الوجوب العيني على من حوله من بلاد المسلمين حتى يدفع العدو.
جهاد الطلب له شروط وقيود للقيام به كالراية وإذن الوالدين وإذن الغريم وغير ذلك، وأما جهاد الدفع فلا يشترط له شرط بل يدفع العدو بحسب الإمكان.
جهاد الطلب يرخص فيه من حيث الفرار والهرب في أحوال معروفة ككون الكفار أكثر من ضعفي المسلمين أو عند غلبة الظن بالهلاك في المواجهة مع عدم المصلحة أو ضعفها فإنه يخير فيه بين قتال المشركين وتركه وقد يجب عليه الفرار، أما جهاد الدفع فلا يرخص فيه في الفرار والهرب في تلك الأحوال وليس مخيرا في ذلك بل يجب عليه الدفع بحسب الإمكان.
جهاد الطلب يستحب مرة أو أكثر كل عام وقيل يجب، جهاد الدفع يجب عند نزول العدو لبلاد المسلمين ولو نزلها ألف مرة في عام فإنه يجب مع كل نزول.