-أن للجهاد مقاصد وغايات كثيرة منها: نفي الشرك ومحاربته وأن يكون الدين كله لله كما قال تعالى"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"والفتنة هنا الشرك، ومنها أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى كما قال تعالى"وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا"ومنها نصرة الله تعالى ودينه وشرعه كما قال تعالى:"إن تنصروا الله ينصركم"وقال تعالى"وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب"ومنها دفع الفساد في الأرض كما قال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"ومنها دفع ظلم الظالمين كما قال تعالى"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير"ومنها نصرة المستضعفين كما قال تعالى"وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء "ومنها حفظ الدين والمساجد كما قال تعالى"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت بيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"ومنها لهداية الناس كما قال تعالى"إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا"ومنها ابتلاء المؤمنين كما قال تعالى"وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا"ومنها اتخاذ الشهداء كما قال تعالى"ويتخذ منكم شهداء"إلى غير ذلك من الغايات الكثيرة، فمن حصرها في غاية واحدة إذا تخلفت تخلف الجهاد وأسقط فقد خالف هذه النصوص.
-مجرد النكاية في الأعداء في الجهاد من غير حصول تمكين مقصد من مقاصد الجهاد وعمل مشروع ومحبوب إلى الله تعالى، وهو من الجهاد في سببيل الله، كما قال تعالى"ولا ينالون من عدوا نيلا إلا كتب لهم عمل صالح"وقال صلى الله عليه وسلم في جليبيب رضي الله عنه"قتل سبعة وقتلوه هذا مني وأنا منه"رواه مسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا جاء الرجل يعود مريضا فليقل: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا أو يمشى لك إلى جنازة"رواه أبو داود والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، فليس من شروط صحة الجهاد حصول التمكين أو النصر أو الظفر الكامل بالأعداء، فيجوز لمسلم أو طائفة من المسلمين أن يتقصدوا الكفار بعمليات لإحداث النكاية فيهم وإن غلب على ظنهم أن عملهم بذلك لا يحسم معركة أو يزيل دولة أو يحدث تغييرا شاملا أو نصرا نهائيا، ولا يجوز الإنكار عليهم بذلك ولا القدح فيهم أو في جهادهم أو صدهم أو خذلانهم فضلا عن الإعانة عليهم أو تسليمهم للطواغيت أو الكفار، فكيف إذا كانت هذه العمليات مؤداها ولو على الأمد البعيد إذا كانت متتابعة حصول التغيير الشامل والنصر النهائي وإزالة الكفر والطاغوت فلا شك أنهم يكونون حينئذ أولى بالنصرة والتأييد وعدم الخذلان أو القدح في جهادهم.
-أنه ينبغي للمؤمن أن يجاهد أعداء الله ولو كان وحده كما قال تعالى"فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا".
-لا يشترط لإقامة الجهاد والقيام به استكمال الإيمان ولا التربية ولا طلب العلم كما يدعيه البعض، بل كل مسلم مخاطب بالقيام بالجهاد ولو لم يستكمل شيئا من ذلك، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخّر القتال من أجل اكتمال الإيمان وجهاد النفس ونحوه، بل ورد عنه خلاف ذلك كما جاء في الحديث في الرجل المشرك الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمعركة بين المسلمين والكفار قائمة فقال"أقاتل أو أسلم؟"قال:"أسلم ثم قاتل"فأسلم ثم قاتل مباشرة حتى قتل"رواه البخاري، وكذا ما جاء يوم غزوة حنين"