والمسلم ملزم بالتحاكم إلى شرع الله وغير مخيّر في المسألة كما قال تعالى"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم".
والتحاكم إلى غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو إلى غير الكتاب والسنة على حالين:
الحالة الأولى: أن يتحاكم إليها راغبا راضيا بها، فهذا لا شك في كفره، والأدلة على ذلك:
الأول: قوله تعالى"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"فعلّق الإيمان بالرد والتحاكم إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع، فمن لم يفعل ورد إلى غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فليس بمؤمن بل هو كافر.
الثاني: قوله تعالى"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما"فأفادت الآية نفي الإيمان عنهم حتى يحكّموا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، فدل على أنهم إذا لم يفعلوا فليسوا بمؤمنين.
الثالث: قوله تعالى"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وبما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا"فأفادت هذه الآية هذه الآية كفر من يتحاكم إلى الطاغوت من وجهين:
الأول: أنه قال"الذين يزعمون أنهم آمنوا"ولم يقل"الذين آمنوا"وذلك أن فعلهم مناقض للإيمان، والزعم يطلق غالبا على من ادعى دعوى هو فيها كاذب.
الثاني: أنه قال"يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به"فأفادت من تحاكم إلى الطاغوت لم يكفر به، وقد بينا سابقا أن من شروط صحة الإيمان الكفر بالطاغوت.
الرابع: قوله تعالى"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا"فهذا يدل على أن من دعي إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة فأبى أنه من المنافقين كما ذكر ابن القيم.
الحالة الثانية: أن يتحاكم إلى غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ملجئا مضطرا مع غياب حكم الله فهذه الحالة لا يكفر فاعلها.
ومن صور الطواغيت المتحاكم إليها في هذا الزمن محكمة العدل الدولية، وهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والمحاكم الطاغوتية التي يتحاكم إليها أكثر الشعوب في العالم والتي تحكم بالقوانين الوضعية، وغير ذلك مما يتحاكم فيه إلى غير الكتاب والسنة، والتي تحتوي على مواد ولوائح ومواثيق وقوانين تخالف الكتاب والسنة، كحرية الأديان والعقائد، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وإبطال الحدود الشرعية، وتشريع المحرمات كالربا والزنا وشرب الخمر وغير ذلك، وتنحية الشريعة كليا وجزئيا، وإبطال الجهاد وغير ذلك.
9.بغض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم:
وهذا من أنواع النفاق الاعتقادي كما سبق، وهو بغض شيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
ويشترط لكفر من وقع في ذلك شرطان:
الأول: العلم بكون ما أبغضه مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.