الصفحة 50 من 108

-قال تعالى"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله"وقد جاء في الحديث عن عدي رضي الله عنه أن تفسير هذا الاتخاذ بكونهم جعلوهم مشرعين مع الله تعالى، فكانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه، ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه، فهذا يدل على أن المشرعين قد جعلوا أنفسهم أربابا مع الله تعالى بفعلهم هذا.

-قال تعالى"وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"وسبب نزول هذه الآية أن ناسا من المشركين كانوا يجادلون المسلمين في مسألة الذبح وتحريم الميتة، فيقولون تأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتل الله؟ فقال تعالى"وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"كما جاء عن ابن عباس ورواه الحاكم وأبو داود وغيرهما، فأفادت الآية أي إن أطعتموهم في حل الميتة ومجادلتهم إنكم لمشركون لأنه طاعة في التشريع.

-قال تعالى"ومن لم يحكم بغير ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"وسبب نزول هذه الآية في التشريع، فقد روى مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم فدعاهم، فقال:"هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟"قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم، فقال:"أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟"فقال: لا والله، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا زنى الشريف تركناه، وإذا زنى الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجعل شيئا نقيمه على الشريف والضعيف، فاجتمعنا على التحميم والجلد فأنزل الله"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"فأفاد هذا أن من شرع فقد كفر بنص الآية، وهؤلاء اليهود قد شرعوا مكان الرجم الجلد والتحميم فكان حكم فعلهم هو الكفر.

-إجماع أهل العلم على كفر من فعل ذلك، وقد نقل الإجماع شيخ الإسلام وابن كثير وغيرهما، ولا يغتر بالخلاف الحاصل في العصر الحالي، فإن منشؤه كما سبق الترقيع للطواغيت، وإذا ثبت الإجماع فلا يضير الخلاف بعده.

ومن صور التشريع في العصر الحاضر:

المجالس البرلمانية: ومجالس الشعب التي تشرع القوانين المخالفة للشريعة، فحكم هذه البرلمانات أنها برلمانات شركية وكفرية لا يجوز دخولها بأي حجة، إذ وظيفتها هذه البرلمانات الرئيسية هي القيام بالتشريع الذي هو حق مختص بالله تعالى، ومن شاركه فيه فقد أشرك، فكل النواب المشاركين في هذا المجلس هم مشركون كفار.

ومن وكل نائبا عن نفسه أو انتخبه مشرعا ولهذا العمل فهو كافر مثله، ولكن لا يكفر كل من المشاركين في الانتخابات إذ هذا الأمر مما عمت به البلوى واختلفت مقاصد المنتخبين فيه، فكثير من المنتخبين لا ينتخبون النواب على أنهم مشرعين إنما ينتخبونهم نوابا للخدمات الدنيوية والمعيشة وعلى هذا يقال إن الانتخاب عمل كفري لكن لا يطبق الحكم على المعين إلا بعد إقامة الحجة وتبيين عمل هذه المجالس البرلمانية.

وكذا تشريع كثير من الملوك والرؤوساء والوزراء القوانين المخالفة لشرع الله تعالى، وكذا زعماء القبائل وتشريعهم للسلوم المخالفة لشرع الله تعالى.

ومن الصور القبيحة لتحكم الناس في الشريعة الإلهية في زماننا هذا استفتاء الشعب مباشرة أو عن طريق نوابه في البرلمان حول تطبيق الشريعة الإسلامية وذلك باسم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام