الصفحة 43 من 108

وقال تعالى"ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا لإن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون"فسماهم الله منافقين وحكم بأنهم أخوان للكفار وذلك يقتضي تكفيرهم، بكونهم فقط وعدوهم بالنصرة مع أنهم كاذبون في وعودهم تلك بشهادة الله تعالى، فكيف بمن ناصرهم حقيقة.

وقال تعالى"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء"فقد برء الله منه، وبرء هو من الله بفعله ذلك، وهذا يفيد الكفر.

وقال تعالى"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين .."فسماهم الله تعالى بالنفاق لكونهم تولوا الكفار.

وقال تعالى"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض"فمن تولى الكافر فهو كافر مثله، إذ لا يتولى الكافر إلا كافر مثله.

وقد روى ابن إسحاق وغيره عن يزيد بن رومان عن عروة وعن الزهري عن جماعة سماهم قالوا: بعثت لنا قريش إلى رسول الله (في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا، وقال: العباس - وكان خرج مكرهاً مع المشركين في بدر - يا رسول الله قد كنت مسلماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك، وأما ظاهرك فقد كان علينا، فافتد نفسك وابني أخيك".

فمع أن العباس بن عبد المطلب قد خرج مع قريش في قتالهم مكرهاً إلا أن الرسول (حكم عليه بظاهره وألحقه بالمشركين، فكيف يكون الحال فيمن ظاهر الكفار وناصرهم اختياراً منه؟

ويدل على هذا أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، وقال: أخبرني ابن عباس: أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم".

فانظر إلى إلحاقه بهم في الظاهر مع أنهم مكرهون، وما ذلك إلا لأن الأصل كفر من عمل هذا العمل.

وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على ذلك كابن حزم وغيره.

وهذا النوع أخفي رسمه في هذا الزمان لكثرة وقوع الحكام الخونة فيه، فقام فقهاءهم الخونة أيضا - خونة الشريعة وخونة المسلمين - يرقّعون لهم بأن هذا النوع غير كفر أو أنه كبيرة أو أنه جائز للضرورة أو غير ذلك، ويبحثون عن المتشابه من النصوص في ذلك كحديث حاطب مشيا مع أهواء الحكام نسأل الله العافية، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه - في غزوة الفتح - قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال:"انطلقوا حتى"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام