عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"ياعباس اِفْدِ نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال"قال: إني كنت مُسلماً ولكن القوم استكرهوني، قال عليه الصلاة والسلام:"الله أعلم بما تقول إن كنت ماتقول حقاً إن الله يجزيك، ولكن ظاهر أمرك أنك كنت علينا"انتهى.
وقد دلّ الحديث على أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أجرى أحكام الكفار في أخذ الفداء من الأسرى على العباس واعتبره كافراً عيناً في الحكم الظاهر، لما خرج في صفوف الكفار لقتال المسلمين، ولم يعتبر دعواه الإكراه مانعة من إجراء حكم الكفار عليه.
وهذا الحديث ومادلّ عليه من حكم هو نص في المسألة، ودليل للقول بإن أنصار الحكام المرتدين كفار على التعيين في الحكم الظاهر.
7.أن الطواغيت وأنصارهم من الطوائف الممتنعة عن القدرة وعن الشرع، والفرد في الطائفة الممتنعة له حكم رؤوس هذه الطائفة وحكم الطائفة حكم رؤوسها وأئمتها، فإذا كان رأس الطائفة مرتدا سميت الطائفة بالمرتدين وحكم على كل فرد منهم بالردة، وإذا كان رأس الطائفة باغيا سميت طائفته بالبغاة ويسمى كل فرد في هذه الطائفة باغيا كما قال تعالى"فإن بغت إحداهما على الأخرى"وقال صلى الله عليه وسلم لعمار"تقتلك الفئة الباغية"رواه مسلم، وهكذا القول في غيرهم من الممتنعين كالخوارج والمحاربين وقطاع الطرق.
وهذا الحكم دل عليه الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب فقال تعالى"إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين"وقال تعالى"ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون"وقال تعالى"فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين"فهذه الآيات تبيّن أن الأتباع وهم الجنود لهم حكم المتبوعين وهم فرعون وهامان، فقد سوى الله تعالى بينهم في الإثم"كانوا خاطئين"وفي الوعيد"ما كانوا يحذرون"وفي العقوبة الدنيوية"فنبذناهم في اليم"وفي العقوبة الآخروية"ويوم القيامة لا ينصرون"ووصفهم الله جميعا بأنهم"أئمة يدعون إلى النار"ولم يفرق بين تابع ومتبوع، فقد سوى الله تعالى هنا بين الأتباع والمتبوعين من كل الوجوه، ولم يجعل الله سبحانه سبب هذه التسوية مشابهة معتقد التابع لمعتقد المتبوع، بل لم تشر الآيات أدنى إشارة إلى معتقد الأتباع، وإنما جعل الله مناط هذه التسوية هو مجرد المتابعة بالفعل لا الموافقة في الاعتقاد، ولم يصفهم الله تعالى في جميع هذه الآيات إلا بأنهم جنود فرعون.
والصحابة عندما سموا أتباع الردة بالمرتدين وحكموا بكفرهم إنما حكموا عليهم بمجرد اتباعهم لأئمة الردة ونصرتهم لهم بالقول والفعل والقتال معهم لا أنهم اختبروا معتقدهم، فإن هذا لم يقع ولم يثبت من جهة النقل.
وأما السنة، فالدليل على أن الفرد له حكم الطائفة في الممتنعين عن القدرة هو إجراء النبي صلى الله عليه وسلم حكم الكفار على عمه العباس لما خرج مع جيش المشركين للقتال يوم بدر رغم دعواه الإسلام والإكراه، وأنه قد توجب الحكم عليه بمجرد فعله لا بالنظر إلى معتقده، فدل على أن الفرد له حكم الطائفة.