بشبهاتِ القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل)، [1] ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا؟ وماذا قال الله في كذا؟ وماذا قال السلف الصالح والصحابة في كذا؟ لأنهم أي أهل البدع أعدوا لكل سؤال عن بدعهم جوابا، أما خذوهم بالسنن فلأنها أعيتهم.
25 -وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَبْدَعُوا وَتَنَطَّعُوا * * * وَجَازُوا حُدُودَ الْحَقِّ بِالإِفْكِ وَالأَشَرْ
وأصحابه أي أصحاب علم الكلام، قد أبدعوا وتنطعوا وَجَازُوا حُدُودَ الْحَقِّ بِالإِفْكِ وَالأَشَرْ، هنا فيه تحذير من الإمام الزنجاني رحمه الله تعالى من الإصغاء والسماع لدعاة الكلام الباطل، داعي الكلام أي من يدعو إلى الكلام، ويعمل على نشره، فمثل هؤلاء يقول الناظم رحمه الله محذرا منهم إياك وسماعهم، لا تمكنهم من سمعك، يعني لا تحاول أن تجلس معهم، ولعله في هذا جواب على أسئلة كثيرة تحاك في هذا الزمان وتقال، لماذا؟ لأنه ربما من كثرة الخطرات والوساوس، والخواطر والأوهام ما يصل إلى القلب فيؤثر فيه، فكان السلف رحمهم الله لا يمكنون أهل الكلام من التحدث عندهم في الدين وفي الدعوة ولا بنصف كلمة، ومن ذلك ما جاء =عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ، فَقَالَا: (يَا أَبَا بَكْرٍ! نُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ؟) قَالَ: (لَا!) قَالَا: (فَنَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ؟!) قَالَ:
(لَا! لَتَقُومَانِ عَنِّي أَوْ لأَقُومَنَّ؟) قَالَ: فَخَرَجَا، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: (يَا أَبَا بَكْرٍ! وَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْ يَقْرَءَا عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ؟!) قَالَ: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْرَءَا عَلَيَّ آيَةً فَيُحَرِّفَانِهَا، فَيَقِرُّ ذَلِكَ فِي قَلْبِي) . [2] = ... نسأل الله السلامة.
كان طاووس بن كيسان اليماني يمشي مع ابنه، فمروا على أحد هؤلاء يعني من الذين تكلموا في أهل الأهواء وما شابه ذلك، فأراد أن يتكلم، فقال لابنه إبراهيم: أدخل إصبعيك في أذنيك، فلما بدأ الرجل يتكلم التفت على ابنه، فقال يا إبراهيم: اشدد حتى لا تسمع منه ولا كلمة. قال معمر: يعني أن القلب ضعيف. [3]
(1) جامع بيان العلم وفضله (ص: 347) .
(2) سنن الدارمي ت الغمري (ص: 175) ، رقم: (430) .
(3) اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/ 135) .