يقول: (ومنها يقول: آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} . ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله، فدل على أنهم يحبون الله حبّاً عظيمًا) وجه دلالة الآية على أن هؤلاء يحبّون الله حبّاً عظيمًا، من يبين وجه الدلالة في الآية؟ أنه جعل حب الله أصلاً وحب الأنداد فرعًا مقيسًا فقال: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [1] ، فنظَّر وشبَّه ومثَّل حبّ هؤلاء بحب الله تعالى. ويمكن أن يقال من وجه آخر: إنه وازن بين محبتهم ومحبة المؤمنين، لكن الوجه الأول أقوى.
ثم قال: (ولم يدخلهم في الإسلام) ؛ لأنهم أشركوا في المحبة. وهاذا يفيد أنه مهما كان الإنسان عابدًا لله إذا كان يقع في الشرك فإنه لا تنفعه هاذه العبادة مهما عظمت ومهما كبُرت. يقول: (فكيف بمن أحب الند أكثر من حب الله؟! فكيف بمن لم يحب إلا الند وحده ولم يحب الله؟!) يكون أعظم شركًا وكفرًا.
[المتن]
ومنها قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من قال: لا إلاه إلا الله، وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله ) )وهاذا من أعظم ما يبين معنى (لا إلاه إلاّ الله) ، فإنه لم يجعل التلفّظ بها عاصمًا للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يُعبد من دون الله، فإن شك أو توقّف لم يحرم ماله ودمه، فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها! ويا له من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!.
[الشرح]
هاذا الكلام الأخير واضح؟ نعم -والله تعالى أعلم-.
ثم بعد هاذا الباب شرع المؤلف رحمه الله في بيان التوحيد مفصّلاً، وابتدأه بالشرك الأصغر في قوله: (باب من الشرك) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليه.
شرح
كتاب التوحيد
الذي هو حق الله على العبيد
(1) سورة: البقرة، الآية (165) .