الصفحة 126 من 952

وذلك في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم ) ). أي خير لك من أنفََس الأموال التي تجنيها وتكتسبها في الدّنيا؛ وذلك لأن أجرها باق، ولأن العامل بهاذا العمل لك من أجره بمثل ما عمل لا ينقص من أجر العامل شيئًا كما قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

المهم أن فضل الهداية -فضل هداية الناس- إلى هاذا الدين عظيم كما تبيّن في هاذا الحديث وفي غيره من الأحاديث، ولكن هل هاذا الفضل في الهداية من الكفر إلى الإسلام؟ لا إشكال أنه في الهداية من الكفر إلى الإسلام؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتكلم مع علي وهو متوجّه إلى كفار أو إلى مسلمين؟ إلى كفار. فالحديث في هداية الكفار إلى الإسلام، لكن هل يدخل في هاذا هداية المسلمين الضالين المقصرين إلى الطريق المستقيم، إلى ما هو أحسن وأقوم؟ يحتمل، والظاهر أنّه لا إشكال في أن له فضلاً؛ لأنه من الدلالة على الخير، لكنه ليس كفضل الهداية من الكفر إلى الإسلام؛ لأنه إنقاذ من النار، فتلك لا يعدلها هداية، لكن لا نخليها من فضل، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد بين فضل الدعوة إلى الله عز وجل، وأن (( من دلّ على خير كان له من الأجر مثل أجر من عمل بما دعا لا ينقص من أجورهم شيئًا ) ). والهداية المذكورة هنا هي هداية الدلالة والإرشاد.

[المتن]

الثلاثون: الحلف على الفُتيا.

[الشرح]

وذلك في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( فوالله ) )مع أنه لم يُستقسم ولم يطلب منه الحلف، لكن الحلف يأتي في كلام الله وفي كلام رسوله لتأكيد ما هو عظيم وإن كان لا يدخل إليه شك ولا ريب، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يكذب ولا يُكذب، ومع ذلك -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلف في هاذا الموضع وفي غيره. والحلف لتعظيم المحلوف عليه ولبيان رفعة قدره.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام