استسلم لرضاك، ويجوز أن يكون معناه اجعلني سالماً عن كيد الشيطان حيث قال تعالى: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] [1] .
ومن المواضع التي قلد فيها الراغب الأصفهاني في بصيرة (السمع) : أشار إلى قول الراغب إذ وصف الله بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحريه للمجازاة به نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة: 1] ، وقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] أي: إنَّكَ لا تفهمهم لكونهم كالموتى في افتقادهم القوة العاقلة التي هي الحياة المختصة بالإنسانية.
وفي هذا الكلام جنوح إلى قول المعتزلة الذين أنكروا أنَّ السمع من الصفات الذاتية ورد ذلك إلى العلم، وقد تبع في هذا الراغب، علما أنه في علم الكلام يميل أحيانا إلى المعتزلة كما نَوَّهَ بذلك المحقق النجار رحمه الله تعالى، والأشاعرة يثبتون السمع والبصر صفتين زائدتين على العلم [2] ، ولا يعني هذا الكلام أنَّ الفيروزآبادي يناصر آراء المعتزلة ويؤيد ما ذهبوا إليه، بل إنه في كثير من المواضع يتعقب أقوالهم ويردهم بأدلة أهل السنة والجماعة ويزيد عليها، ولكن يمكن أن نقول إنَّ اعتماد الفيروزآبادي على الراغب كان كبيراً مما أدى إلى تسرب بعض الأقوال إلى كتابه، وهذا من باب أمانته رحمه الله تعالى، والله أعلم.
رابعاً: الزمخشري:
هو محمود بن محمد بن أحمد أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي المعتزلي، إمام في اللغة والتفسير يلقب جار الله، لأنه جاور بمكة زماناً، سمع من أبي الخطاب بن البطر،
(1) ينظر: البصائر 2/ 183، بصيرة في الإسلام.
(2) ينظر: البصائر 3/ 258، بصيرة في السمع.