فهرس الكتاب
الصفحة 502 من 737

تمهيد: حاجة الإنسان إلى الرسل:

الإنسان هو المخلوق المكرم المكلف المسؤول، وأنه خليفة الله في الأرض، وأنه هو الذي سيُحاسب وسيُجازي عما عمل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر ومن هذه الصفات التي منحها الله لهذا الإنسان تتبع حاجته إلى الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وإليك صور من هذه الحاجة:

أولاً: الهداية إلى معرفة الخالق جل جلاله:

الإيمان بأن لهذا العالم رباً خالقاً ومدبراً لأموره فطرة عند الإنسان منذ أن خلقه الله بيديه لا يحتاج إلى إقامة برهان عليه كما لا يحتاج إلى برهان على وجود الغرائز الإنسانية، ولو ترك الإنسان وشأنه من غير أن يعترض سبيله معترض ما نشأ إلا مؤمناً بوجود هذا الخالق معترفاً بحاجته إليه، يحسُ بهذا في أعماق نفسه من غير أن يكون بحاجة إلى دليل وبرهان، وهذا هو معنى المقصود بقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) } [الروم:30] [1] .

وإلى هذا قصد الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم (وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ [2] عن دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عليهم ما

(1) ينظر: الجامع لأحكام القرآن 7/ 351، والعقيدة الإسلامية للدكتور مصطفى سعيد الخن ومحيي الدين مستو ص 264.

(2) اجتالتهم، أي: استخفوهم، فذهبوا بهم وأزالوهم عما كانوا عليه. شرح النووي على صحيح مسلم 17/ 197.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام