المبحث الثَّاني
أدلَّة وجود الله تعالى عند الفيروزآبادي
ذكر علماء الكلام أدلة عقلية كثيرة تثبت وجود الله تعالى، وبأنه الخالق لهذا الكون، ومخترعه، وصانعه، ذكر الفيروزآبادي منها دليل الاختراع.
دليل الاختراع:
ويسمى هذا الدليل برهان الاختراع، أو السببية، أو الخلق والإبداع، أو الصنع والحدوث، ويسمى الآفاق والأنفس، أو حدوث الأعراض [1] .
وهذا دليل من أعظم الأدلة وأسهلها، وهو يدور حول البديهة القائلة: إِنَّ عملية الحدوث لابد لها من محدث، أي: كل مخلوق لابد له من خالق، وأَنَّ الموجودات لابد لها من موجد، وقد وَظَّفَ الأسلوب القرآني أكثر من ثمانين آية في التدليل على قضية الخلق والإيجاد [2] ، والناظر في هذه الآيات يجد أَنَّ سياقها يَحُثُّ العقول والقلوب بأساليب عديدة في عرضه للعقيدة؛ لمعرفة الله سبحانه وتعالى، فبعض هذه الآيات تأتي مفتتحة بكلمة التسبيح والتنزيه ابتداءً؛ ليدرك الإنسان أَنَّ الخالق هو الله تعالى لا غير، وبعضها تختم بقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4،
(1) ينظر: مناهج الأدلة في عقائد الملة: ابن رشد، ت 595هـ، مع مقدمة في نقد مدارس علم الكلام، مكتبة الإنجلو المصرية 1969م، تحقيق: الدكتور محمد قاسم 2/ 43، والمطالب العالية: الرازي، دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الأولى 1999م، ضبط وتخريج: محمد عبد السلام شاهين ص 143 ـ 149.
(2) ينظر: الأساليب القرآنية في عرض العقيدة الإسلامية: الدكتور صالح خليل حمودي الطائي، دار النهج ـ حلب، الطبعة الأولى 2008م، ص 106 ـ 112، وعقيدة التوحيد في القرآن الكريم: الدكتور محمد أحمد ملكاوي، مطابع المدينة ـ الرياض، الطبعة الأولى 1425هـ، ص 261 ـ 271.