فهرس الكتاب
الصفحة 149 من 737

يعني توحيد الناطقين منه عارية مردودة، كما تُسْتَرَدُ العواري، إشارة إلى أنَّ توحيدهم ليس ملكاً لهم، بل الحق أعارهم إيَّاه كما يُعير المُعيرُ متاعه لغيره ينتفع به.

وقوله: أبطلها الواحد: أي الواحد المطلق من كل الوجوه وحدته يبطل هذه العارية.

وقوله: توحيدُهُ إيَّاهُ توحيدُهُ

يعني: توحيده الحقيقي هو توحيد لنفسه بنفسه من غير أثر للسِّوى يوجه، بل لا سِوى هناك.

وقوله: ... ونَعْتُ مَن يَنْعَتُهُ لاحِدُ

أي: نعت الناعت له إلحاد، أي: عدول عمَّا يستحقه من كمال التوحيد، فإنَّه أسند إلى نزاهة الحق ما لا يليق إسناده. وحاصل كلامه وأحسن ما يحمل عليه: أنَّ الفناء في شهود الأزلية والحكم يمحو شهود العبد لنفسه وصفاته، فضلاً عن شهود غيره، فلا يشهد موجوداً فاعلاً على الحقيقة إلاّ الله وحده، وفي هذا الشهود تفنى الرسوم كلها، فيمحق هذا الشهود من القلب كل ما سوى الحقِّ، إلاّ أَنَّهُ يمحقه من الوجود، وحينئذٍ يشهد أَنَّ التوحيد الحقيقي غير المستعار هو توحيد الرب تعالى نفسه، وتوحيد غيره له عارية محضة أعاره إِيَّاها مالك الملوك، والعواري مردودة إلى من تُرَدُ إليه الأمور كلها {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: 62] [1] .

(1) ينظر: البصائر 5/ 172 - 174، بصيرة في وحد.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام