فهرس الكتاب
الصفحة 148 من 737

2 ـ توحيد الإلهية في الاصطلاح الشرعي عند الفيروزآبادي:

قال الفيروزآبادي:"هو أن يجمع العبد همه وقلبه وعزمه وإرادته وحركاته على أداء حقه، والقيام بعبوديته، وأنشد صاحب المنازل [1] أبياتاً ثلاثة ختم بها كتابه:"

ما وَحَّدَ الواحِدَ مِن واحِدٍ ... إذْ كُلُّ مَن وَحَّدَهُ جاحِدُ

تَوحيدُ مَن ينطق عن نعتِهِ ... عارِيَّةٌ أبطَلَها الواحِدُ

توحيدُهُ إيَّاهُ توحيدُهُ ... ونَعْتُ مَن يَنْعَتُهُ لاحِدُ [2]

وظاهر معناه: أن ما وَحَّدَ الله عَزَّ وَجَلَّ أحدٌ سواه، وكل من أَحَّدَهُ فهو جاحِدٌ، لحقيقة تَوحِيده، فإنَّ توحيده يتضمن شهود ذات المُوحِد وفعله، وما قام به من التوحيد، وشهود ذات الواحد وانفراده، وتلك بخلاف توحيده لنفسه فإنه يكون هو المُوَحِّدُ المُوَحَّدُ، والتوحيد صفته، وكلامه القائم، فما ثَمَّ غيره، فلا أثنينية، ولا تعدد، وأيضاً فمن وَحَّدَهُ مِنْ خَلقِهِ فلا بد أن يصفه بصفة، وذلك يتضمن جَحْدَ حَقِّهِ الذي هو عدم انحصاره تحت الأوصاف، فمن وصف فقد جَحَدَ إطلاقه من قيود الصفات.

وقوله: تَوحيدُ مَن ينطق عن نعتِهِ ... عاريةٌ أبطَلَها الواحِدُ

(1) هو عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي، أبو إسماعيل، شيخ خراسان في عصره، من كبار الحنابلة، ولد عام 396هـ، من ذرية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، كان بارعاً في اللغة، حافظاً للحديث، عالما بالتأريخ والأنساب، مظهراً للسنة، داعياً إليها، امتُحِنَ وأُوذِيَ وسُمِعَ يقول:"عُرِضْتُ على السيف خمس مرات، لا ليقال لي: ارجع عن مذهبك، ولكن ليقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت"، من كتبه منازل السائرين إلى الحق عَزَّ شأنه، و ذم الكلام وأهله، والفاروق في الصفات، وكتاب (الأربعين) في التوحيد، توفي عام 481هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 64، والأعلام للزركلي 4/ 122.

(2) ينظر: البصائر 5/ 172 بصيرة في وحد، ومدارج السالكين 1/ 111 ـ 128 و 3/ 377 ـ 378، وشرح الطحاوية: الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي ت 792 هـ، بتعليق ابن باز والألباني والفوزان وأحمد شاكر، دار ابن الهيثم - مصر، الطبعة الأولى 2005م، ص 23.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام