الإيجاد الأول" [1] ."
تشكل عقيدة البعث بعد الموت وما يتبعها من ثواب وعقاب أحد الأركان المركزية في العقيدة الإسلامية، وهي من المسائل التي أثير فيها الجدل الكبير بين مشركي مكة والمسلمين، ومن أمثلة ما حصل من الجدل في هذه المسألة ما جاء في كتب السِّيَر: (ومَشَى أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ إلَى رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَظْمِ بَالٍ قَدْ أَرْفَتّ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنْ يُبْعَثَ هَذَا بَعْدَ مَا أَرِمَ ثُمّ فَتّهُ بِيَدِهِ ثُمّ نَفَخَهُ فِي الرّيحِ نَحْوَ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ، يَبْعَثُهُ اللّهُ وَإِيّاكَ بَعْدَمَا تَكُونَانِ هَكَذَا، ثُمّ يُدْخِلُك اللّهُ النّارَ، فأنزل الله فيه: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) } [يس:78 ـ 80] ) [2] . لقد تساءل المشركون كيف يمكن بعضهم بعد أن يكونوا قد توفوا وأصبحوا تراباً وعظاماً فرد الله عليهم: ... {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج:5] [3] .
هذا ولما كان البعث بعد الموت مكان استغراب عند الإنسان بين الله سبحان
(1) المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى ص 123.
(2) أخرجه ابن هشام، والسهيلي، وابن كثير. السيرة النبوية لابن هشام: عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري أبو محمد، ت 213هـ، دار الجيل - بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، 2/ 207، الروض الأنف 2/ 146، السيرة النبوية: أبو الفداء اسماعيل بن كثير، ت 774هـ، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت/لبنان 1396هـ ـ 1976م، تحقيق: مصطفى عبد الواحد 2/ 55.
(3) ينظر: منهج الجدل بالحسنى في الدعوة الإسلامية: عبدالله حميد جاسم وهب، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الإمام الأعظم / قسم الدعوة والخطابة والفكر ـ بغداد 1431هـ ـ 2010م، بإشراف الأستاذ المساعد الدكتور عدنان الفراجي ص 78.