فهرس الكتاب
الصفحة 58 من 737

الأول , وكذا الثالث, فإنَّ قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] , أي من نطفة أو تراب, والثاني: هو الضعف الموجود في الجنين والطفل, والثالث: الذي بعد الشيخوخة وهو المشار إليه بأرذل العمر , والقوتان: الأولى هي التي تجعل للطفل من التحرك وهدايته لاستدعاء اللبن ودفع الأذى عن نفسه بالبكاء, والقوة الثانية , التي بعد البلوغ , ويدل على أنَّ كل واحدٍ من قوله تعالى: (ضعف) إشارة إلى حالة غير الحالة الأولى ذكره منكراً, والمنكر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدم عرف, كقولك: رأيت رجلاً فقال لي الرجل, ومتى ذكر ثانياً منكراً, أريد به غير الأول, ولذلك قال ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) } [الشرح: 5 - 6] : لن يغلب عسرٌ يسرين [1] .

فبعد هذا العرض من الأمثلة، يتضح لنا ما أفاده الفيروزآبادي من تفسير ابن عباس ابتداءً من مباحث علوم القرآن، ومروراً باللغة والقراءات، وانتهاءً بتفسير الآيات وبيان معاني الكلمات، وجُلُّ هذا مما أثر عن ابن عباس - رضي الله عنه - من أقوال وصحيح روايات.

ثانياً: أبو الحسن الماوَردِيّ:

علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الماوَردِيّ، أقضى قضاة عصره، من العلماء الباحثين أصحاب التصانيف الكثيرة النافعة، ولد في البصرة سنة 364هـ، وانتقل إلى بغداد، وولي القضاء في بلدان كثيرة، ثم جُعِلَ أقضى القضاة في أيام القائم بأمر الله العباسي، نسبته إلى بيع ماء الورد، من أشهر كتبه (أدب الدنيا والدين) ، و (النكت

(1) ينظر: البصائر 3/ 476 - 477، بصيرة في ضعف.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام