حقيقته، إِذ الحكم على الشيءِ فرع عن تصوره، وليس في الآية ما يمنع من فهم معنى الروح؛ لأنَّهُ ليس كل ما سكت عنه الشَّرع لا يمكن معرفته، بل كثيراً يُسْكَتُ عنه لأنَّه معرفة دقيقة، وهو من عِلْمِ خاصَّة الخاصَّة، وليس للعامة وجمهور الأمة.
قال الإمام الغزالي (رحمه الله تعالى) :"إِنَّ معرفة حقيقة الرُّوح ممكنة للخاصة من العلماء الراسخين في العلم، ويَحْرُمُ على من له إلمام بشيءٍ من ذلك التصريح به لغير أهله" [1] .
معاني الرُّوح:
للروح معانٍ عدة، هي:
1 ـ الرُّوح التي تُنفَخُ في الجنين: وذلك في قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:29، ص:72] ، وقوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9) } ... [الحجر:29، ص:72] [2] .
2 ـ جبريل - عليه السلام: وذلك في قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) } [القدر:4] [3] .
(1) العقيدة الإسلامية ص 522، وينظر: إحياء علوم الدين 3/ 4 ـ 5.
(2) روح المعاني 7/ 281.
(3) ينظر: جامع البيان 13/ 635.