فهرس الكتاب
الصفحة 575 من 737

ولا تَخُضْ في الرُّوحِ إذَا مَا وَرَدَا ... نَصٌّ عَنِ الشَّارِعِ يَكُنْ وُجِدَا [1]

الموقف الثَّاني: جواز الخوض في بيان حقيقتها، والبحث عن تعريفٍ اصطلاحِيٍّ لها. وقد سبق أن عَرَّفَهَا علماء اللغة والشَّرع، مثل ابن القَيِّم [2] ، والغَزَالِيِّ [3] ، وإمام الحَرَمَيْن [4] ، والآلوسي [5] ، وغيرهم.

وهؤلاء الذين خاضوا في الكلام قالوا: إِنَّ اليهود سَأَلُوا عن الرُّوح سُؤَال تعجيز وتغليظ؛ لكونه يُطْلَقُ على أشياء، فَأَضْمَرُوا أَنَّهُ بأي شَيءٍ أَجابَ قالوا: ليس هذا المراد، فَرَدَّ الله كَيْدَهُم، وأجابهم جواباً مُجْمَلاً مُطابقاً لجوابهِم المُجمل [6] .

وعند المالكية يجوز الخوض في حقيقة الرُّوح، استناداً لِمَا نقله عبد الرحيم بن خالد عن الإمام مالك (رحمه الله تعالى) أنها جِسْمٌ ذو صورة كصورة الجسد في الشكل والهيأة، وإلى هذا أشار إمام الحَرَمَيْن بقوله:

لِمالك هي صورةٌ كالجَسَدِ ... فَحَسْبُكَ النَّصَ بهذا السَّنَدِ [7]

ومن خلال استعراض الرأيَيْن أرى أَنَّهُ لا بُدَّ من تَعريف الرُّوح، والبحث عن معانيها، وصفاتها، وآثارها، بقصد الدراسة والتعليم، مع التسليم بأَنَّ حقيقة الروح أَمْرٌ غَيْبِيٌّ وخَفِيٌّ، لا يُدْرَكُ بالحِسِّ، وما لا يُدْرَكُ حِسّاً ومُشاهَدَةً، لا يمكن تَعريف

(1) شرح جوهرة التوحيد ص 180.

(2) ينظر: الرُّوح لابن القَيَّم ص 163.

(3) ينظر: إِحياء علوم الدين 3/ 4 ـ 5.

(4) ينظر: شرح جوهرة التوحيد ص 181.

(5) ينظر: روح المعاني 8/ 145، و 11/ 122.

(6) فتح الباري 8/ 404.

(7) شرح جوهرة التوحيد ص 181.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام