فهرس الكتاب
الصفحة 574 من 737

الموقف الأَوَّل: عدم جواز البحث عن حقيقة الرُّوح؛ لأَنَّ الله تعالى استأثر بعلمه، ولم يُطْلِعْ عليه أَحَداً من خَلْقِهِ، فلا يجوز البحث عن حقيقتها بأكثر من أَنَّها موجودة، وآثارها محسوسة [1] . واستدلُّوا على موقفهم بالكتاب والسنة:

فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) } [الإسراء:85] .

ومن السُّنَّة: ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (بَيْنَا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حَرْثٍ وهو مُتَّكِئٌ على عَسِيبٍ [2] إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فقال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عن الرُّوحِ فقال ما رابكم [3] إليه وقال بَعْضُهُمْ لا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عن الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يَرُدَّ عليهم شيئا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إليه فَقُمْتُ مَقَامِي فلما نَزَلَ الْوَحْيُ قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا(85) } [الإسراء:85] ) [4] .

وقد لَخَّصَ إمام الحَرَمَيْن هذا الموقف بقوله:

(1) ينظر: شرح جوهرة التوحيد ص 180 ـ 181.

(2) العَسِيبُ: السعفة، وجمعها عُسُبٌ. ينظر: الفائق في غريب الحديث: محمود بن عمر الزمخشري، ت 538هـ، دار المعرفة ـ بيروت/ لبنان، الطبعة الثانية، (د. ت) ، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، 2/ 431.

(3) قال العَيْنِيُّ: قوله: (ما رَابَكُم إليه) كذا بصيغة الفعل الماضي في رواية الأكثرين من الريب، ويقال: رَابَهُ كذا وأَرَابَهُ كذا بمعنى واحد. عمدة القاري 19/ 34.

(4) صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء:85] ، رقم 4444، 4/ 1749، صحيح مسلم: كِتَاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَاب سُؤَالِ الْيَهُودِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الرُّوحِ وقَوْله تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء:85] ، رقم 2794، 4/ 2152. واللفظ للبخاري.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام