تلقيه وتَلقنّه [1] .
وهم معصومون في التبليغ، فالرسل لا يكتمون شيئاً مما أوحاه الله إليهم ذلك أن الكتمان خيانة والرسل يستحيل أن يكونوا كذلك قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67] ، يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك لم تبلغ رسالتي [2] ، ولو حدث شيء من الكتمان أو التغيير لما أوحاه الله فإن عقاب الله يحل بذلك الكاتم المغير نحو قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) } [الحاقة:44 ـ 46] .أي: لعالجناه بالعقوبة وأخذنا نياط القلب الذي إذا انقطع مات صاحبه" [3] ."
وأضاف الفيروزآبادي: أي منعناه ودفعناه فعبر عن ذلك بالأخذ باليمين [4] .
ومما يدل على عصمته في التبليغ قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) } [النجم:3] ، أي: ما يخرج من نطقه عن رأيه إنما هو يوحى من الله - عز وجل -؛ لأن بعده {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } [النجم:4] ، هذا القرآن وحي من الله يوحيه إليه بواسطة جبريل - عليه السلام - إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - [5] .
ثالثاً: هل العصمة قبل النبوة أو بعدها؟
اختلف العلماء في عصمة الأنبياء هل هي قبل النبوة أو بعدها؟ وهل تكون العصمة عن الكبائر فقط أو عن الكبائر والصغائر من الذنوب؟ وفي مدى مفهومها
(1) ينظر: البصائر 5/ 182، بصيرة في وحي.
(2) جامع البيان 4/ 647.
(3) ينظر: البصائر 5/ 408، بصيرة في يمن، والرسل والرسالات ص 59 ـ 96.
(4) البصائر 5/ 408، بصيرة في يمن.
(5) ينظر: جامع البيان 11/ 504، والجامع لأحكام القرآن 9/ 75، والرسل والرسالات ص 95 ـ 96.