والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه - صلى الله عليه وسلم - بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله تعالى، وهذا الحديث دليل ... لتفضيله - صلى الله عليه وسلم - على الخلق كلهم؛ لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة وهو - صلى الله عليه وسلم - أفضل الآدميين وغيرهم.
وأما الحديث الآخر (لا تفضلوا بين الأنبياء) فجوابه من خمسة أوجه:
أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم فلما علم أخبر به.
والثاني: قاله أدباً وتواضعاً.
والثالث: أَنَّ النهي إِنَّما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول.
والرابع: إِنَّما نهي عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث.
والخامس: أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة فلا تفاضل فيها وانما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى ولا بد من اعتقاد التفضيل فقد قال الله تعالى: ... {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:203] " [1] ."
وقال البيجوري: شارحاً قول اللَّقَّانِيُّ:" (والأنبياء يلونه في الفضل) ، أي: الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) يتبعون نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الفضل، فمرتبتهم بعد مرتبته" [2] .
(1) شرح النووي على صحيح مسلم 15/ 37 ـ 38.
(2) شرح جوهرة التوحيد ص 145.