تخايروا بين الأنبياء) [1] ، ثم رويتم أنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر) ، قالوا: وهذا اختلاف وتناقض.
قال أبو محمد: ونحن نقول: إنه ليس ههنا اختلاف، ولا تناقض، وإنما أراد أنه سيد ولد آدم يوم القيامة؛ لأنه الشافع يومئذ والشهيد وله لواء الحمد والحوض، وهو أول من تنشق عنه الأرض، وأراد بقوله: (لا تفضلوني على يونس) طريق ... التواضع" [2] ."
وقال ابن حجر:"قال العلماء في نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن التفضيل بين الأنبياء إنما نهى عن ذلك من يقوله برأيه لا من يقوله بدليل أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع أو المراد لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل بحيث لا يترك للمفضول فضيلة" [3] .
وقال النووي في باب تفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلائق:"قال العلماء وقوله - صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم) لم يقله فخراً بل صرح بنفي الفخر في غير مسلم في الحديث المشهور (أنا سيد ولد أدم ولا فخر) ، وإِنَّما قاله لوجهين:"
أحدهما: امتثال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) } [الضحى:11] .
(1) لم أقف على تخريج هذا الحديث من كتب الحديث، وإنما رواه الرازي على أَنَّه حديثان، أما الحديثان فأحدهما ... (لا تفضلوني على يونس بن متى) ، والآخر (لا تخايروا بين الأنبياء) ، وأورده القرطبي بتقديم وتأخير وبلفظ ... (لا تخايروا بين الأنبياء ولا تفضلوني على يونس بن متى) ، وأورد العيني الأول منهما فقط. ينظر: التفسير الكبير6/ 169، والجامع لأحكام القرآن 10/ 294، وعمدة القاري 8/ 59.
(2) تأويل مختلف الحديث: عبدالله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري، ت 276هـ، دار الجيل - بيروت - 1393هـ - 1972م، تحقيق: محمد زهري النجار ص 116.
(3) فتح الباري 6/ 446.