فهرس الكتاب
الصفحة 524 من 737

المطلب الثالث

التفاضل بين الأنبياء والرسل

أخبَرَ الحَقُّ تبارك وتعالى أَنَّه فضل بعض النبيين على بعض، فقال جَلَّ وعَلا: ... {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء:55] ، وأخبر كذلك بتفضيل بعض الرسل على بعض بقوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة:203] .

فالآيتان دَلَّتَا على حصول المفاضلة فيما بين الأنبياء، وحصول المفاضلة بين الرسل، فالآية الأولى دَلَّت على تفضيل بعض الأنبياء على بعض، والآية الثانية دَلَّت على تفضيل بعض الرسل على بعض، وقد أجمعت الأمة على أَنَّ الرسل أفضل من الأنبياء [1] .

وَنَصَّ الكثير من العلماء عل أَنَّ أَفضل المرسلين أولو العزم منهم، وهم الذين خُصُّوا بالذكر مجتمعين في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) } [الأحزاب:7] ، وفي قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) } [الشورى:13] ، واختَصَّ نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - عن غيره من الأنبياء والرسل بخصائص جَمَّةٍ، ومراتب عالية،

(1) ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ابن تيمية، مكتبة المثنى، بغداد 1989م، ص 10، ولوامع الأنوار البهية 1/ 49.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام