من يقول: يراد بها المُسَمَّيَات، وكذلك الذين قالوا: الاسم غير المُسَمَّى، وذكروا الأدلة السابقة، فكلامهم حق لا ينازعون فيه لو اقتصروا على أَنَّ اسم الشيء ليس هو ذاته (نفسه) ، ولكنهم أطلقوا، وعنوا من غير المسمى، بمعنى أَنَّه يجب أن يكون مبايناً له، فهذا باطل، فان المخلوق قد يتكلم بأسماء نفسه فلا تكون بائنة عنه، فكيف بالخالق وأسماؤه من كلامه وليس كلامه بائنا عنه، ولكن قد يكون الاسم نفسه بائنا مثل أن يسمى الرجل غيره باسم أو يتكلم باسمه فهذا الاسم نفسه ليس قائما بالمسمى، لكن المقصود به المسمى، فإِنَّ الاسم مقصوده إظهار المسمى وبيانه [1] .
وبهذا التفصيل يزول الإشكال بحمد الله تعالى، وتلتئم الأدلة، ويجتمع الصواب في كلا القولين، ويستبعد الخطأ من كليهما.
أَمَّا قول القائلين بالسكوت عن مثل هذه المسائل المحدثة، عديمة الفائدة، والتي لا ينبني عليها عمل، ولم يرد فيها نص صريح من كتاب أو سنة أو قول صحابي، فهذا حقٌّ لا شك فيه، وهو الأسلم للمسلم لو لم تُثَر مثل هذه المسائل، ويحتج عليها بعمومات الكتاب والسنة، ويبني عليها المبتدعة شبهات الطعن في التوحيد.
فهذه المسألة كحال غيرها من المسائل التي أثارتها الجهمية، وتصدى لها أهل السُّنَّة بالتفنيد، وإيضاح الحق من الباطل، كمسألة القول بخلق القرآن وغيرها. فالواجب بيان الحق على قدر الحاجة. والله تعالى أعلم.
(1) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية، قاعدة في الاسم والمسمى 6/ 207، وينظر: بدائع الفوائد 1/ 22، حيث قال:"وبلاء القوم من لفظة الغير فإنه يراد بهما معنيين".