فهرس الكتاب
الصفحة 355 من 737

قال الفَرَّاء:"قرأها الناس بنصب التاء ورَفْعها والرفع أحبّ إلىَّ لأنها قراءة عَلىٍّ وابن مسعودٍ وعبدالله بن عبّاسٍ. حدّثنا أبو العباس قال حَدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدَّثنى مِنْدَل بن عَلىّ العَنَزىّ عن الأعمش قال: قال شقيق: قرأت عند شُرَيْحٍ ... (بَلْ عجبتُ ويَسْخَرُوَن) فقال: إن الله لا يَعْجب منْ شيءٍ، إنما يَعجب مَن لا يعلم. قال: فذكرت ذلكَ لإبراهيم النَخَعيّ فقال: إن شُريحاً شاعر يعجُبهُ عِلمه، وعبد الله أعلم بذلكَ منه قرأَهَا (بل عجبتُ ويَسْخَرُونَ) ، قال أبو زكريّا: والعجب وإن أُسند إلى الله فليسَ مَعْنَاه من الله كمعنَاه مِنَ العباد، ألا ترى أَنه قال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة:79] ، وليسَ السُخْرِيّ من الله كمعناه منَ العبَاد، وكذلك قوله: ... {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ... [البقرة:15] ، ليسَ ذلك مِنَ الله كمعنَاه من العباد، ففى ذَا بيان الكسر لقول شُرَيح، وإن كان جَائِزاً لأنّ المفسرينَ قالوا: بل عجبتَ يا محمد ويَسخرونَ هم. فهذا وجهُ النصب" [1] .

وقال النَّحَّاس: قال قتادة بل عجبت من الكتاب والوحي ويسخرون مما جئت به وقيل المعنى بل عجبت من إنكارهم البعث وأنكر شريح أن تقرأ بل عجبت بضم التاء وقال إن الله لا يعجب إنما يعجب من لا يعلم ... ومعنى التعجب في اللغة أن ينكر الشيء ويقل في فيتعجب منه فالله جَلَّ وَعَزَّ العالم بالأشياء وبما يكون ولكن لا يقع التعجب إلا بعد الكون فهو منه جل وعلا خلافه من الآدميين لأنه قد علمه قبل وبعد وهو يشبه علم الشهادة كما قال سبحانه: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ} [الكهف:12] ، ويجوز أن يكون المعنى قل بل عجبت" [2] ."

(1) معاني القرآن للفراء 2/ 384.

(2) معاني القرآن الكريم: أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، ت 338هـ، جامعة أم القرى - مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1409هـ، تحقيق: محمد علي الصابوني 6/ 15 ـ 16.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام