قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:116] ، أَيْ: تَعْلَمُ مَا أُكِنُّهُ وَأُسِرُّهُ وَلا عِلْمَ لِي بِمَا تَسْتُرُهُ عَنِّي وَتُغَيِّبُهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَلَّمَ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي أَيْ حَيْثُ لا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ وَلا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ" [1] ."
قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:20] ، وقال تعالى: ... {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:116] ، وقال تعالى حكاية عن نبي الله موسى - عليه السلام: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) } [طه:41] .
وأخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ... (يقول الله تَعَالَى أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وأنا معه إذا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي في ملأ ذَكَرْتُهُ في ملأ خَيْرٍ منهم وَإِنْ تَقَرَّبَ إليَّ شبراً تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إليه بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) [2] .
وقال الطبري في تفسير الآية:"يقول [أي: عيسى - عليه السلام -] : {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} إنك يا رب لا يخفى عليك ما أضمرته نفسي مما لم أنطق به ولم أظهره بجوارحي، فكيف بما قد نطقت به وأظهرته بجوارحي يقول: لو كنت قد قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله كنت قد علمته لأنك تعلم ضمائر النفوس مما لم تنطق به فكيف بما قد نطقت به."
(1) الأسماء والصفات للبيهقي ص 273 ـ 274.
(2) أخرجه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} رقم 6970، 6/ 2694.