الثاني: مذهب المشبهَّة [1] ، أمثال الحشويَّة [2] ،والكراميَّة [3] ، فهؤلاء منهم من شَبَّهَ في الذات باعتقاد اليد والوجه فوقعوا في التجسيم، ومنهم من شبه في الصفات كاثبات الجهة والاستواء والنزول والصوت والحروف فوقعوا في التشبيه [4] .
الثالث: مذهب الخلف: وهم من كانوا ما بين القرنين الثالث والخامس الهجريين من الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية وغيرهم، فهؤلاء ذهبوا إلى تأويل أمثال النصوص السابقة إلى معانٍ تليق بالله - عز وجل -، فيكون استعمالها في المعاني التي استعملت فيها في حق الله - عز وجل - من قبيل المجاز مع المحافظة على قداسة النص الشرعي بما ينسجم مع تنزيه الباري - عز وجل - ففسروا الاستواء بالاستيلاء وفسروا المجيء والنزول بمجيء الملائكة ونزولها [5] .
(1) المشبهة: هم الذين يجرون النصوص التي تضيف إلى الله تعالى أشياء توهم التشبيه إلى إجرائها على ظاهرها على ما يفهم عند الإطلاق على الأجسام. ينظر: الملل والنحل للشهرستلني 1/ 105.
(2) الحشوية: منهم همس بن الحسن التميمي، ومضر بن خالد، وأحمد الهيجي000ومن أقوالهم الفاسدة أنَّ معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض، إِمَّا روحانية، وإِمَّا جسمانية، ويجوز الانتقال والنزول عليه، والصعود والاستقرار والتمكن. المصدر نفسه.
(3) الكرامية: هم أتباع محمد بن كرام السجستاني، ت 255هـ، وهم طوائف عديدة، اشتهروا بالتشبيه في صفات الله تعالى، والقول بالإرجاء، ومما أجمعوا عليه قولهم: إِنَّ معبودهم مماس للعرش من الصفة العليا، وجواز الانتقال والتحول والنزول عليه، وصار المتأخرون منهم إلى أنه بجهة فوق وأَنَّه محاذٍ للعرش. ومما ورد من التنزيل من الاستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقية، وغير ذلك قد أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام. ينظر: الملل والنحل للشهرستاني 1/ 105 ـ 109.
(4) ينظر: مقدمة ابن خلدون ص 23.
(5) ينظر: غاية المرام في علم الكلام ص 38، ومقالات الاسلامين للأشعري ص 235، وتحفة المريد: للباجوري ص53، وأصول الدين للبغدادي ص123.