كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، ويمكن إيراد هذه الحجة على وجه آخر فيقال: إما أن يكون المراد {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في ماهيات الذات، أو أن يكون المراد ليس كمثله في الصفات شيء، والثاني باطل لأن العباد يوصفون بكونهم عالمين قادرين، كما أن الله تعالى يوصف بذلك، وكذلك يوصفون بكونهم معلومين مذكورين، مع أن الله تعالى يوصف بذلك، فثبت أن المراد بالمماثلة المساواة في حقيقة الذات، فيكون المعنى: أن شيئاً من الذوات لا يساوي الله تعالى في الذاتية، فلو كان الله تعالى جسماً لكان كونه جسماً ذاتاً لا صفة، فإذا كان سائر الأجسام مساوية له في الجسمية، أعني: في كونها متحيزة طويلة عريضة عميقة، فحينئذ تكون سائر الأجسام مماثلة لذات الله تعالى في كونه ذاتاً، والنص ينفي ذلك فوجب أن لا يكون جسماً" [1] ."
وقال البيهقي:" {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ، قال أهل النظر: ليس كهو شيء" [2] .
أَمَّا الفيروزآبادي فقال:"المِثْل والمَثَل والمَثِيل، كالشِبْه والشَبَه والشبيه لفظا ومعنًى، والجمع: أَمثال. والمَثَل - محركة: الحديث. وقد مثَّل به وامتثله وتمثَّله وتمثَّل به. وقد يعبّر بالمَثَل والشَبَه عن وصف الشيء؛ نحو قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد:35] ."
وقد يستعمل المِثْل عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني، أَيَّ معنى كان. وهو أَعمّ الأَلفاظ الموضوعة للمشابهة؛ وذلك أَن النِدّ [3] يقال فيما يشاركه في
(1) التفسير الكبير 27/ 129 ـ 130.
(2) الأسماء والصفات للبيهقي ص 226.
(3) الضدّان: مالا يصحّ اجتماعهما في محلّ واحد. وقيل: الله تعالى لا نِدّ له ولا ضِدّ له؛ لأَنَّ الندّ هو الاشتراك في الجوهر، والضدّ هو أَن يعتقب الشَّيئان المتنافيان في جنس واحد، والله تعالى منزَّه عن أَن يكون له جوهر، فإِذاً لا ضدّ له ولا نِدّ. البصائر 3/ 463، بصيرة في ضد.