فهرس الكتاب
الصفحة 212 من 737

أمَّا الفيروزآبادي فقد قال: والقضاءُ من الله أَخصّ من القَدَر؛ لأَنه الفصل بين التقدير، والقَدَر هو التقدير، والقضاءُ هو التفصيل والقطع. وذكر بعض العلماء: أَنَّ القَدَر بمنزلة المُعَدّ للكيل، والقضاءَ بمنزلة الكيل، ولهذا قال أَبو عُبَيدة - رضي الله عنه - لعمر - رضي الله عنه - لمَّا أَراد الفرار من الطَّاعون من الشَّام: (أَتفرّ من القضاء؟ قال: أَفرّ من قضاء الله إِلى قدر الله) [1] ، تنبيهاً أَنَّ القَدَر ما لم يكن قضاء فمرجوّ أَن يدفعه الله، فإِذا قُضَيَ فلا يندفع، ويشهد لهذا قوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم:21] ، ومنه قولهم: المقْضِيّ كائن، وَقُضِيَ الأَمْرُ، أي: فصل، تنبيها أَنَّه صار بحيث لا يمكن تلافيه [2] .

هذه هي أهم الأقوال للفرق الإسلامية المشهورة بين القضاء والقدر، ذكرتها بإيجاز، ونخلص منها إلى ما يأتي:

(1) ذكره الراغب بهذا اللفظ في مفرداته بدون سند ص 676، مادة (قضى) ، وملا علي القاري بدون سند: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: علي بن سلطان محمد القاري، ت 1014هـ، دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت الطبعة: الأولى 1422هـ - 2001م، تحقيق: جمال عينتابي. كتاب الإيمان، باب الإيمان بالقدر 1/ 257، وفي كتاب الدعوات، 5/ 121. وقد أخرج البخاري، ومسلم، ومالك، وعبد الرزاق الصنعاني، وأبو يعلى، والشاشي، وابن حبان عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من حديث طويل وفيه: ... (قال أبو عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ - رضي الله عنه: أَفِرَارًا من قَدَرِ اللَّهِ فقال عُمَرُ - رضي الله عنه: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أَبَا عُبَيْدَةَ نعم نَفِرُّ من قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ) . صحيح البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، رقم 5397، 5/ 2163، صحيح مسلم، كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة وغيرها، رقم 2219، 4/ 1740، موطأ مالك، باب ما جاء في الطاعون، رقم 1587، 2/ 895، مصنف عبد الرزاق، باب الوباء والطاعون، رقم 20159، 11/ 147، مسند أبي يعلى، رقم 837، 2/ 150، مسند الشاشي، رقم 235، 1/ 267، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، ت 354هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ - 1993م، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، باب ما جاء في الصبر وثواب الأمراض والأعراض، رقم 2953، 7/ 219. وليس فيه لفظ القضاء الذي هو موضع الشاهد الذي من أجله ساقه الفيروزآبادي، وقبله الراغب الأصفهاني.

(2) البصائر 4/ 279، بصيرة في قضى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام