وقال في موضع آخر:"قال العلماء: القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزيئات ذلك الحكم وتفاصيله" [1] .
أمَّا الأشاعرة: فالقضاء عندهم هو إرادة الله الأزلية المتعلقة بالأشياء على وفق ما توجد عليه في وجودها للحوادث، والقدر إيجاد الأشياء على مقاديرها المحددة في كل ما يتعلق بها [2] .
وأمَّا الماتُريدية: فالقضاء عندهم هو الخلق الراجع إلى التكوين، أي بالإيجاد على وفق القدر السابق، والقدر ما يتعلق بعلم الله الأزلي؛ وذلك بجعل الشيء بالإرادة على مقدار محدد قبل وجوده [3] .
وقال صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرح الطحاوية:"وأما فيما دَلَّتْ عليه نصوص الكتاب والسنة فإنَّ القَدَرَ غير القضاء، وهذه الغيرية بمعنى أنَّ القَدَرَ أَعَمُّ من القضاء، والقضاء قد يكون بعض مراتب القَدَرِ من حيث الإطلاق؛ ولهذا قال بعض أهل العلم في تبيين ذلك: إنَّ القضاء هو القَدَرُ إذا وقع، وقبل وقوع المقدر لا يسمى قضاءً؛ ذلك لأنَّ كلمة قضاء -كما رأيت في معناها في اللغة وفي استعمالات القرآن أنها بمعنى الإنهاء، إنهاء الشيء، إنهاء الخلق إلى آخره، والقَدَرُ إذا وقع وانتهى صار قضاءً، {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف:41] ، يعني: انتهى، {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه:72] ، يعني أحكم بما شئت وأنهى الأمر على أي وجه شئت. فإذاً يكون القضاء هو إنهاء القَدَر" [4] .
(1) فتح الباري 11/ 477.
(2) ينظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم القحطاني النجدي، ت 1392هـ، 1/ 255، و الدين الخالص: محمد صديق خان القنوجي، دار العروبة ـ بيروت، الطبعة الأولى 1979م، 3/ 154، والعقيدة الإسلامية وأسسها ص 626.
(3) ينظر: العقائد النسفية مع شرحها للتفتازاني ص 112 ـ 113، والعقيدة الإسلامية وأسسها ص 626.
(4) شرح العقيدة الطحاوية: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ص 239.