لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق:3] ، وقرئ (فقَدَّرْنا) مشدَّدة [1] ، وذلك منه أَو من إِعطاءِ القدرة. وقوله: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} [الواقعة:60] تنبيه أَن ذلك فيه حكمة من حيث إِنه هو المقدّر، وتنبيه أَن الأَمر ليس كما زعم المجوس: أَن الله يخلق وإِبليس يقتل.
وقوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب:38] ، فـ {قَدَرًا} إِشارة إِلى ما سبق به القضاءُ والكتابة في اللَّوح المحفوظ، والمشار إِليه بقوله عليه الصلاة والسلام: (فَرَغَ ربّكم من الخَلق والخُلُق والأَجل والرزق) [2] ، و {مَقْدُورًا} إِشارة إِلى ما يحدث حالاً فحالاً، وهو المشار إِليه بقوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29] ، وعلى ذلك قوله: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر:21] " [3] ."
(1) قرأ نافع والكسائي من السبعة، وأبو جعفر من العشرة (فَقَدَّرْنَا) بتشديد الدال، وقرأ الباقون (وقَدَرْنَا) بالتخفيف. ينظر: السبعة في القراءات: أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي، ت 324هـ، دار المعارف - مصر، الطبعة الثانية 1400هـ، تحقيق: شوقي ضيف ص 666، والتيسير في القراءات السبع: أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، ت 444هـ، دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ ـ 1996م، عني بتصحيحه: أوتوبرتزل ص 177، والنشر في القراءات العشر: الحافظ أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري، ت 833هـ، المكتبة التجارية الكبرى ـ مصر 2/ 397، وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر: أحمد بن عبدالغني الدمياطي الشافعي، الشهير بالبناء، ت 1117 هـ، دار الندوة الجديدة ـ بيروت ص 430.
(2) أخرجه الطبراني عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فرغ إلى ابن آدم من أربع من الخلق والخلق والأجل والرزق) . المعجم الأوسط: رقم 1560، 2/ 155، وأبو عبد الله القضاعي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أيضاً قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (جف القلم بالشقي والسعيد وفرغ من أربع من الخلق والخلق والأجل والرزق) . مسند الشهاب: محمد بن سلامة بن جعفر أبو عبد الله القضاعي، ت 454هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ - 1986م، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، رقم 601، 1/ 352. ولم أقف على تخريجه باللفظ الذي ذكره الفيروزآبادي.
(3) البصائر 4/ 244، بصيرة في قدر.