شرك) [1] ، فهذان الحديثان يدلان على أَنَّ الشرك الأصغر رديف الكفر الأصغر في حكمه. والله تعالى أعلم.
الاتجاه الثَّاني: يرى أصحاب هذا الاتجاه أَنَّ هناك فرقاً بين الشِّرك والكفر في المعنى، ويرون أَنَّ تفسير الشرك بالكفر تساهل في المعنى سببه قرب اتحادهما في الحكم، وممن فرق بينهما أبو هلال العسكري في كتابه (الفروق اللغوية) ، فقال::"الكفر اسم يقع على ضروب من الذنوب، فمنها الشرك بالله، ومنها الجحد بالنبوة، ومنها استحلال ما حرم الله، وهو راجع إلى جحد النبوة، وغير ذلك مما يطول الكلام فيه، وأصله التغطية" [2] ، وقال أيضاً:"الفرق بين الكفر والشرك: أن الكفر خصال كثيرة على ما ذكرنا، وكل خصلة منها تضاد خصلة من الإيمان؛ لأَنَّ العبد إذا فعل خصلة من الكفر فقد ضيع خصلة من الإيمان، والشرك خصلة واحدة وهو إيجاد إلهية مع الله أو دون الله واشتقاقه ينبئ عن هذا المعنى" [3] .
ويتبين للباحث من خلال النظر في معنى كل من الشِّرك والكفر في الاصطلاح الشرعي، أَنَّ الكفر أَعَمُّ من الشرك؛ لأنَّ الشرك يتعلق باتخاذ شريك مع الله تعالى في ما يستحقه وحده، والكفر يتعلق بجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو الشك فيه، أو تركه إباءً واستكباراً مع عدم الجحود، فيدخل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة:6] ، حيث فَرَّقَ الله تعالى بين
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الإيمان، رقم 46، 1/ 66 وقال: صحيح على شرط مسلم.
(2) الفروق اللغوية: الحسن بن عبد الله بن سعد ن مهران البغدادي، أبو هلال العسكري، ت بعد 395هـ، دار الآفاق الجديدة ـ بيروت / لبنان 1403هـ، ص 223.
(3) المصدر نفسه ص 225.