المشركين وبين كفر أهل الكتاب؛ لأنَّ كفر هؤلاء لم يكن من باب الشرك، بل من باب الإباء والاستكبار، كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة:89] ، وهذا لا يمنع أن يَرِدَ الشرك مراداً به ما هو أعم من معناه الخاص، فيكون بمعنى مطلق الكفر، وذلك بحسب المقام.
قال الحافظ ابن حجر أثناء كلامه عن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) } [النساء:116] :"والمراد بالشرك في هذه الآية الكفر؛ لأنَّ من جَحَدَ نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - مثلاً كان كافراً، ولو لم يجعل مع الله إلهاً آخر، والمغفرة منتفية عنه بلا خلاف، وقد يَرِدُ الشرك ويراد به ما هو أخص من الكفر، كما في قوله تعالى: ... {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة:1] " [1] .
والخلاصة في ذلك:
1 ـ إِنَّ الكفر أَعَمُّ من الشرك، فالشرك خصلة من خصال الكفر، وقد يكفر الإنسان بشيءٍ ليس من باب الشرك.
2 ـ إِنَّه قد يَرِدُ كُلٌّ من اللفظين بمعنى الآخر، أي: أَنَّ بينهما من الاتفاق والاختلاف، كما بين الإيمان والإسلام، وأَنَّهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
والله تعالى أعلم.
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، ت 852هـ، دار المعرفة - بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب 1/ 85.