الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) [ق: 24 ـ 26] ، وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) } [الأنعام:1] ، أي:"يجعلون لله عدلاً وشريكاً" [1] .
وعليه فالشرك الأكبر عند أصحاب هذا الرأي هو رديف الكفر الأكبر، والشرك الأصغر رديف للكفر الأصغر، ويترتب على الشرك الأكبر ما يترتب على الكفر الأكبر من حيث إِنَّه يُحْبِطُ العملَ كليّاً، ويُخْرِجُ صاحِبَهُ من الملة، ويُخَلِّدُهُ في نار جهنم أبداً، ولا تنفعه شفاعة الشافعين.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] .
وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72] .
وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88] .
وقال تعالى: [ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65] .
فالشِّرك هنا له نفس مدلولات الكفر الأكبر وتبعاته، منه يُسْتَنتَج أَنَّ كلَّ كفر بهذا المعنى فهو شرك، وكل شرك هو كفر، وكل كافر مشرك، والعكس صحيح، كما في قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} [آل عمران:151] ، فقد أخبر عنهم بأنهم كفروا، وأخبر أَنَّ سبب كفرهم هو الشرك بالله تعالى، وكذلك في قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}
(1) الجامع لأحكام القرآن 6/ 387.