المطلب الخامس
العلاقة بين الشِّرك والكفر
بعد أن عَرَّفنا الشرك والكفر لغة واصطلاحاً، ومن خلال تتبع أقوال العلماء في مسألة علاقة الشرك بالكفر، نجد أَنَّ هناك اتجاهين في قضية ارتباط الكفر بالشرك، ومدى هذا الارتباط:
الاتجاه الأوَّل: يَرى أَنَّ الكفر والشرك بمعنىً واحدٍ، ومِن أشهر من فسر الشرك بالكفر الرازي [1] ، والفيومي [2] ، وذكر الراغب الأصفهاني في مفرداته:"إِنَّ أكثر الفقهاء يحملون قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5] على الكفار جميعاً" [3] ، وبه قال الفيروزآبادي [4] .
والذي يبدو لي أَنَّ الفيروزآبادي سَلَكَ مَسْلَكَ الراغب الأصفهاني، فكان هذا التوافق بينهما.
وهؤلاء نظروا إلى أَنَّ الشرك هو التسوية بين الخالق والمخلوق، واتخاذ آلهة من دون الله تعالى، عُلِمَ بذلك أَنَّ كُلَّ كافِرٍ مُشْرِكٌ أيضاً؛ فهو لم يكفر إلاّ لأنَّهُ اتخذ من دون الله تعالى آلهة، أي: أَنَّ الشرك ودوافعه هو في الحقيقة سبب الكفر، وإنكار حجج الشرع، قال تعالى: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)
(1) ينظر: مختار الصحاح ص 240، مادة (شرك) .
(2) ينظر: المصباح المنير ص 311، مادة (شرك) .
(3) مفردات ألفاظ القرآن ص 451 ـ 452، مادة (شرك) .
(4) ينظر: البصائر 3/ 313 ـ 315، بصيرة في شرك.