فهرس الكتاب
الصفحة 116 من 737

وعند إيراده وجوه الاستواء في القرآن الكريم ذكر أنَّ من معانيه القهر والقدرة، قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] ، وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، أي: أقبل على أمره، واستولى على ملكه وقدر عليه بالقهر والغلبة، وهو أعظم المخلوقات، واكبر الموجودات، فإذا قهره وقدر عليه فكيف ما دونه لديه.

ثم نقل قول أبي القاسم الأصبهاني: استوى على وجهين: أحدهما: يسند إلى فاعلين فصاعداً، نحو: استوى زيدٌ وعمرٌو في كذا، أي: تساويا، والثاني: أن يقال لاعتدال الشيء في ذاته، نحو قوله تعالى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 6] ، ومتى عُدي بـ (على) اقتضى معنى الاستيلاء، نحو قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وقيل معناه: استوى له ما في السموات وما في الأرض بتسويته تعالى إياه كقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29] . وقيل معناه: استوى كل شيء بالنسبة إليه، فلا شيء اقرب إليه من شيء, إذ كان تعالى ليس كالأجسام الحالّة في مكان دون مكان، وإذا عدي بـ (إلى) اقتضى معنى الانتهاء إليها، أما بالذات، أو بالتدبير [1] .

وعند انتقالنا إلى بصيرة (الجنة) نجده يذكر أنَّ من معانيها رياض الروح والرضوان وبساتين الأحباب والإخوان {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] ، ثم يستعرض هذه الجنات بقوله: وهي أربع جنان، ثنتان للخواص {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] ، وثنتان لعامة المؤمنين {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] ، وإحدى هذه الأربع جنة النعيم إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ

(1) ينظر: البصائر 2/ 106 - 107، بصيرة في الاستواء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام