ثم قالوا في الموضع نفسه من المذكرة الكفرية: (ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الأخذ - عاجلاً أو آجلاً - بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور [26] ، إذا رأى المشرع ذلك) .
وها هنا مسألة خطيرة جداً، فحتى لو فرضنا جدلاً أنهم أرادوا تحكيم بعض نصوص الشريعة في يوم من الأيام، فلن يكون ذلك استسلاماً أو انقياداً لله تَعَالى ورضاً بحكمه، وإنما لرأي وإرادة وهوى طاغوتهم"المشرّع".
يقول العلامة أحمد شاكر في كتابه"كلمة حق": (ترى في بعض بلاد المسلمين قوانين ضربت عليها، نقلت عن أوربة الوثنية الملحدة، وهي قوانين تخالف الإسلام مخالفة جوهرية في كثير من أصولها وفروعها، بل إن في بعضها ما ينقض الإسلام ويهدمه، وذلك أمر واضح بديهي، لا يخالف فيه إلاّ من يغالط نفسه، ويجهل دينه أو يعاديه من حيث لا يشعر، وهي في كثير من أحكامها أَيْضاً توافق التشريع الإسلامي أو لا تنافيه على الأقل، وإن العمل بها في بلاد المسلمين غير جائز، حتى فيما وافق التشريع الإسلامي، لأن من وضعها حين وضعها لم ينظر إلى موافقتها للإسلام أو مخالفتها، وإنما نظر إلى موافقتها لقوانين أوربة ... ) .
ثم ذكر كلاماً للشافعي رحمه الله تَعَالى، خلاصته؛ أن المجتهد إذا اجتهد عن علم وإحاطة بالأدلة وتحري للحق فأخطأ كان معذوراً مأجوراً، أما من لم يتحرّ الدليل، وتكلّف بلا علم فإن إصابته - وإن أصاب الحق - تكون غير محمودة؛ ومن هذا يظهر لك؛ بأن القوانين إن كان في بعضها ما يوافق الشريعة فإنه باطل أَيْضاً، لا يُحمد ولا يُمدح أبداً، لأنه لم يخرج من دائرة الشرك، فما هو إلاّ انقياد لحكم الدستور واتباع لرأي مشرّعهم - الذي هو غير الله - ولا يُمدح أو يُحمد أبداً إلاّ حين يكون ذلك استسلاماً وانقياداً لرب العباد وحده [27] .