فهرس الكتاب
الصفحة 35 من 208

وهو أيضاً مشابهة ومتابعة لليهود الذين قال الله تعالى فيهم: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا} ، وهل هناك أشد مما هم فيه اليوم من خزي وذل للشرق والغرب؟ بل ولليهود أنفسهم الذين كتب الله عليهم الذلة، ثم قال تعالى: {ويوم القيامة يُرَدُّون إلى أشدِّ العذاب وما الله بغافل عما تعملون * أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون} [البقرة 85 - 86] .

وجاء في المذكرة التفسيرية لهذه المادة، بعد أن ذكروا أن من فوائد هذه الصيغة الكفرية، أنها لا تمنع المشرع من استحداث أحكام من مصادر أخرى غير الشريعة، قالوا - فضّ الله أفواههم - بالحرف الواحد: (بل إن في النص ما يسمح مثلاً بالأخذ بالقوانين الجزائية الحديثة، مع وجود الحدود في الشريعة الإسلامية [25] ، وكل ذلك ما كان ليستقيم لو قيل؛"الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، إذ يوقع المشرع في حرج بالغ) .

قاتل الله هذا المشرع، الذي جعل من نفسه ندّاً لله.

وأذكرك بالمقدمة الثانية والثالثة.

وانظر إلى قولهم: (يوقع المشرع في حرج بالغ) ، وارجع لقوله تَعَالى في ذلك الموضع: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] ، وتأمل كلمة {حرجاً} في الآية، وكيف أنها نكرة في سياق النفي، فتشتمل كل أنواع الحرج - كبيراً كان أم صغيراً - فكلّه مضاد للإيمان، ومع ذلك فهؤلاء السفهاء يصفون التسليم المطلق للشريعة؛ بأن فيه"حرجاً بالغاً".

فهل يجوز لموحد بعد هذا أن يحترم ياسقهم هذا؟ أو يوالي عبيده أو يحبهم؟ فليتعرف المسلمون على نوع الحكم الذي يحكمهم، وما يحويه من زيغ وضلال وهم غافلون نائمون.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام