فهرس الكتاب
الصفحة 37 من 208

وخلاصة القول؛ أنّ الله جل وعلا قد قال في كتابه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] ، ولم يقل، بمثل ما أنزل الله، فتنبه لهذا وافهمه جيداً.

ومما سبق؛ تظهر لك فضيحة من فضائح عبيد الياسق - وما أكثرها - وذلك أن المشرع الحقيقي عندهم، هو ليس الله عز وجل، وأن جعلهم الشريعة مصدراً من مصادر التشريع كذب وتمويه، وبمعنى آخر؛ أن جعلهم الله أحد المشرّعين المعبودين، وإن كان شركاً لو صح - فإنه غير صحيح - وهم كاذبون به، ملبّسون مخادعون.

فمن هو مشرّعهم الحقيقي الذي يعبدونه إذن؟

الإله المشرع عندهم ليس الخالق الباري جل وعلا، وإنما هو؛ ثالوث"الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور"، وهكذا فقد شابهوا أحبابهم وأولياءهم عبّاد الصليب في عقيدة التثليث الشركية، فأولئك عندهم"الرب والابن وروح القدس"، وهؤلاء عندهم"الأمير ومجلس الأمة والدستور".

وإليك الأدلة على هذا من ياسقهم نفسه:

جاء في المادة (51) من الياسق الكويتي: (السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور) [28] .

وهذا أَيْضاً كفر فوق كفر، وشرك فوق شرك، وظلم فوق ظلم - كما قدمنا وفصلنا - فلا ينكر هذا إلاّ جاهل بدين الإسلام، أو كافر ظالم يرضى أن يعبد مع الله آلهة أخرى باطلة زائفة.

وسيأتي عما قريب كلام العلامة الشنقيطي رحمه الله في صفات من يستحق وحده التشريع من تفسيره القيم"أضواء البيان"، ومن ذلك ما قاله رحمه الله - بعد أن ذكر قوله تَعَالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 88] - قال: (فهل في الكفرة الفجرة المشرّعين من يستحق أن يوصف بأنه الإله الواحد؟ وأن كل شيء هالك إلاَّ وجهه؟ وأن الخلائق يرجعون إليه؟ تبارك ربنا وتعاظم وتقدس أن يوصف أخس خلقه بصفاته.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام