أوَ يجوز لرجل مسلم أن يلي القضاء في ظل هذا"الياسق العصري"، وأن يعمل به ويعرض عن شريعته البينة؟ ما أظن أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويؤمن به جملة وتفصيلاً ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله على رسوله كتاباً محكماً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلاّ أن يجزم غير متردد ولا متأول بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة؟) اهـ.
[132] رواه الطبراني وغيره عن ابن عمر وكذا رواه أبو داود والترمذي والحاكم وغيرهم عن بريدة وهو حديث صحيح، ويجب التفريق هنا بين القاضي في المحكمة المسلمة التي تحكم شرع الله، فيترك حكم الله في القضيّة ويجور لرشوة أو هوى، فمثل هذا لاشك أنه قاض في النار كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه غير خالد فيها، أما القاضي المتحاكم إلى الطاغوت وقد أمره الله تعالى أن يكفر به، فهذا غير الأول وقضيته ليست مجرد معصية أو كبيرة كالأول وإنما القضية هنا قضية شرك وتوحيد، وهي من أخطر القضايا على الإطلاق ودليل هذا التفصيل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] .
[133] أصله حديث مرفوع بلفظ: (مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة.