وكل من يعرف قوانينهم يعلم علم اليقين؛ أن ما سقناه من سفاهاتهم وضلالاتهم في الصفحات الماضية إنما هو شيء يسير من ذلك، سقناه على سبيل البيان والمثال لا على سبيل الحصر والإجمال، خاصة وأن قوانينهم تتبدل وتترقع دوماً تبعاً لتبدل أهوائهم وأهواء أوليائهم الغربيين والشرقيين، وإلا فلو كان المقصود تتبع جميع ما تحويه قوانينهم من باطل وزيغ وإلحاد؛ لكانت رسالتنا هذه أضعاف أضعاف ما هي عليه الآن، ولأضعنا من الجهد والوقت ما لا طائل تحته، واللبيب تغنيه الإشارة عن العبارة.
[91] نعم قد ترضى كما أشرنا من قبل عن توحيد أعور أعرج يسكت عن باطلها ولا يتعرض لها ولا لعبيدها ولا يعتبرها طاغوتاً يجب الكفر به أصلاً، فما الطاغوت عند أصحاب ذلك التوحيد الناقص المبتور إلا الأحجار والأصنام والقبور وحسب، فمثل هؤلاء - خصوصاً في بلادنا هذه- لا تخشاهم الحكومات ولا تتعرض لتوحيدهم هذا، ومن هنا يأتي الخلل في موازين الولاء والبراء وتنحرف الطريق.
[92] أبيات مختارة من نونية ابن القيم.