فهرس الكتاب
الصفحة 9 من 189

كذلك بالنسبة لفرعون فإنه يؤمن بقلبه بحق الله جل وعلا بالعبادة؛ ولهذا لما أدركه الغرق قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ [يونس:90] ، فهو آمن إذاً بالله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يتحقق الإيمان في ذلك إلا وهو كامن في القلب، فصرح به عند إدراك الغرق له. وهؤلاء الغلاة الزنادقة الذين أظهروا أمثال هذه الأقوال عطلوا أحكام الشريعة بالكلية، ولم يفرقوا بين فاسد وطائع، وكذلك عطلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المعطل عابد لله بمجرد بقائه ومكثه لأن الله حال فيه، وكذلك عباد الأصنام، ويلزم من ذلك إلغاء أحوال النبي عليه الصلاة والسلام، فلماذا قاتل وجاهد وفعل إذا كان هذه الأمور التي أخبرتم عنها موجودة؟ فإذا كان الله عز وجل منتفي الصفات وحال في كل مكان فهو حال قبل وبعد النبوة فلا قيمة للنبوة حينئذٍ، ولا قيمة أيضاً للعقاب وإقامة الحدود والتأديب وغير ذلك، وكثير من الأمور والمفاسد التي يلتزمون بعضاً ويدعون بعضاً. قال: (ويزيد وينقص) ، ثمة طائفة من الطوائف المرجئة يسمون بمرجئة الفقهاء، وهم على مذهبين في باب الإيمان، وهي روايتان في مذهب أبي حنيفة رحمه الله: الطائفة الأولى الذين يقولون: إن الإيمان هو تصديق القلب وقول اللسان، وهذه أشهر الروايات عن أبي حنيفة عليه رحمة الله، وعليها أكثر أصحابه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام