ولهذا تعظم السيئة عند الله عز وجل إذا ضعف الدافع لها، فالذي يسرق وهو غني أعظم إثماً عند الله من السارق الفقير، الشيخ الذي يزني أعظم عند الله عز وجل من زنا الشاب؛ ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم وذكر منهم (الملك الكذاب، والأشيمط الزاني، والعائل المستكبر) ، والعائل المستكبر هو الفقير الذي يستكبر؛ لأن الكبر يتبع الغنى ويتبع السؤدد والرئاسة، ووجود الكبر من الفقير دليل على سوء طوية، وضعف متمكن في الإيمان، كذلك أيضاً الأشيمط الزاني وهو الشيخ الكبير دوافع الزنا فيه ضعيفة، فإذا أقدم على ذلك فهذا دليل على شدة ضعف الإيمان، فانتشله إلى هذا الجرم شهوة ضعيفة، فدل هذا على ضعف قلبه. كذلك الملك الكذاب لا يرجو الناس ولا يخافهم فما كذب إلا لضعف في إيمانه، كلما كان الدافع في قلب الإنسان للعمل السيئ أقل كان الإثم عند الله أعظم، وكلما كان في أبواب التروك أيضاً الدافع للعمل أعظم كان الترك عند الله عز وجل أعظم للإنسان؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يستحضر كثيراً من أمور التروك علّ الله عز وجل أن يثيبه على ذلك ولو لم يكن ثمة دافع في ذلك قلبياً، وفضل الله سبحانه وتعالى واسع. وأورد المصنف هنا أبواب السلامة من الوقيعة في الناس سواء في ذلك باللسان أو باليد، قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، وهذا يدخل فيه الأمر الخاص وكذلك العام.
قال رحمه الله: [باب أي الإسلام أفضل.