وهنا إنما قدم اللسان على اليد فقال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ؛ لأن سلامة اليد تابعة لسلامة اللسان، ووقوع الأذى من اللسان أظهر من وقوع الأذى من اليد، ولا يقع الأذى من اليد إلا وسبقه الأذى من اللسان، فالإنسان يسب ويشتم ويضرب وهكذا وإلا لا.
قال رحمه الله: [باب إطعام الطعام من الإسلام. حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) ] .وهذا فيه ما تقدم في تلك الدلالة من بيان شعب الإيمان، وكذلك أيضاً ما يزيد الإيمان ويتممه للعبد، وأيضاً فيه حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في السؤال عن الأعمال وعن المراتب العلية، وفيه أنه ينبغي للمعتني أن يسأل عن الأتم، وأن يسأل عن الفاضل، وأن يدع المفضول، وأن يعرف المراتب التي تجعله يسبق الناس، الإنسان إذا أراد أن يسلك طريقاً يوصله إلى بلد من مكة إلى المدينة يسأل ما هو أخصر طريق؟ كذلك أيضاً من جهة العمل حينما يقول أي الإسلام أفضل؟ أي ما هو أخصر طريق يوصلني إلى الله؟ لماذا؟ لأنه يريد أن يأخذ الزاد، قال: (أي الإسلام أفضل؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) فذكر إطعام الطعام، وإقراء السلام على من عرفت ومن لم تعرف؛ لحاجة السائل إلى ذلك.
قال رحمه الله: [باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن حسين المعلم، قال: حدثنا قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ] .