وفي هذا الحديث ما تقدم الإشارة إليه في الفروق بين الإيمان والإسلام والإحسان، وفيه أيضاً أنه جعل كل ما تقدم من الدين، جعل الإسلام والإيمان والإحسان كلها من الدين، وفي إتيان جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله جواز أن يسأل العالم غيره حتى يتعلم من كان حاضراً، وفيه أيضاً جواز التصنع للمصلحة، أن يتصنع الإنسان الجهل حتى يفهم غيره، وفيه أيضاً جواز التمثل بشخصية شخص أو نحو ذلك؛ ولهذا جبريل جاء متمثلاً بصورة رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضاً إجابة الرجل العالم لعالم يعلم والمقصود غيره؛ ولهذا العالم ربما يخاطب غيره والمقصود لم يبن، سواء من العامة، أو من الأفراد، أو نحو ذلك، وفي هذا إشارة أيضاً إلى أن علم أشراط الساعة والأمارات من الدين الذي ينبغي أن يضبط؛ ولهذا جعل ذلك كله من الدين، فمعرفة التاريخ ومعرفة أشراط الساعة وأحوال الأمم اللاحقة وكذلك السابقة كل ذلك من الدين، وتقدم معنا في أقسام القرآن أنه قصص وأخبار وأخلاق وعقائد وأحكام.
قال رحمه الله: [باب: حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس أخبره، قال: أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له: سألتك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد] .