لهذا نقول: يدخل في هذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كره واحداً منهم بعينه فإن هذا لا يدخل في الكفر إلا من ثبت الدليل فيه متواتراً بتزكية وبيان محبته، فنقول حينئذٍ بأن كراهة ذلك الصحابي كفر، كالذي يكره أبا بكر والله جل وعلا قد زكاه، أو يسب أبا بكر عليه رضوان الله تعالى، أو يلعن عائشة، أو يتهمها في ذاتها ونحو ذلك فهذا كفر وإن كان واحداً، لا لذات الشخص، وإنما لقوة الدليل الذي زكاه، وتبع ذلك تزكيته بذاته، وبيان منزلته التي وجب أن نعمل بها. وأما ما لم يرد فيه الدليل متواتراً وإنما دخل ضمن مجموع فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهه بذاته، نقول: هذا وقع في البدعة، لماذا قلنا: وقع في البدعة؟ لأنه غلب جانباً مادياً على جانب الدين وهو القرب من النبي عليه الصلاة والسلام، فينبغي أن تغلب تلك المحبة الشرعية له؛ لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلقته، أو على هيئته، أو على شيء بدر منه، فمن نظر إلى شيء معين من صحابي فكأنه ما ملأ قلبه ذلك الفضل الذي كان من ذلك الصحابي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما من طعن في جمهور الصحابة فهذا لا يمكن أن يقبل منه إلا ما اشتركوا فيه وهو صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهذا نقول: إن هذا كفر وردة، ولا خلاف عند العلماء أن من طعن في الصحابة كلهم أو في مجموعهم فهو طاعن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كافر في ذلك، وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد من العلماء.